لا شكَّ أنَّ التقيَّة واجبة عندنا بنصِّ القرآن الكريم والسُّنَّة الشريفة وإجماع علمائنا. أمَّا القرآن الكريم ، ففي أكثر مِن آية واحدة كقوله تعالى : (إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً) (١). وأمَّا السُّنَّة الشريفة فأكثر مِن نصٍّ كقوله عليهالسلام : «التقيَّة ديني ودين آبائي» (٢). وقوله عليهالسلام : «لا دين لمَن لا تقيَّة له» (٣). وقوله عليهالسلام : «التقيَّة درع المؤمن الحصينة» (٤) وغير ذلك. وأمَّا الإجماع فهو واضح لمَن استعرض فتاوى علمائنا ، بلْ الحكم يُعتبر مِن ضروريَّات المذهب.
إذاً ؛ فالتقيَّة واجبة. وهذا ما حدى بالمعصومين عليهمالسلام جميعاً العمل بها إلاَّ الحسين عليهالسلام ، فلماذا لم يعمل بها هذا الإمام الجليل؟! إذ مِن الواضح أنَّ أحداً مِن المعصومين غيره لم يتحرَّك مثل حركته ، بلْ كانت الثورات مُتعدِّدة ، والحروب في داخل البلاد الإسلاميَّة وخارجها موجودة ، وهم مُعرضون عنها لا يُشاركون بأيِّ شيء منها ، حتَّى لو كان الثوَّار والمُحاربون مِن أبناء عمومتهم كذريَّة الحسن أو الحسين ، الذين تحرَّكوا خلال العهدين الأُموي والعباسي بكثرة ، عَدَّ منهم في (مقاتل الطالبيِّين) عشرات ، إلاَّ أنَّ المعصومين (سلام الله عليهم). لم يكونوا مِن بينهم بأيِّ حال مِن الأحوال ، بل كانوا
__________________
(١) سورة آل عمران آية ٢٨.
(٢) أصول الكافي ج ٢ ص ٢١٩ حديث ١٢ ـ باقتضاب ـ طهران.
(٣) أصول الكافي ج ٢ ص ٢١٧ الحديث الثاني ـ بتصرُّف واقتضاب ـ مُختصر بصائر الدرجات ص ١٠١.
(٤) أصول الكافي ج ٢ ص ٢٢١ حديث ٢٣ ـ بتصرُّف واقتضاب.