نزل بك (١). إذاً ؛ فهو يطلب السيطرة على الحُكم ـ أعني : من الناحية الدينيَّة ـ ويُدافع عن هذا الهدف ضمن دفاع الحسين عليهالسلام لأنَّه رسوله إلى الكوفة. غير أنَّ صحَّة هذا الهدف تتوقَّف على أُمور ، لو تمَّ أيُّ واحد منها أمكن قبوله ، وإلاَّ فلا.
الأمر الأوَّل : أنْ نتصوَّر الإمام الحسين قائداً دنيويَّاً ، قد تخفى عليه بعض النتائج ، وأنَّ عدم سيطرته الفعليَّة على الحُكم أمر لم يكن يتوقَّعها أوَّل الأمر ، ثمَّ أصبح مغلوباً على أمره مُتورِّطاً في فعله.
وقد سبق أنْ ناقشنا ذلك مُفصَّلاً ، وعلمنا أنَّه عليهالسلام عالم بالنتائج قبل حدوثها ـ أمَّا بالإلهام أو بالرواية عن جَدِّه صلىاللهعليهوآله ـ ومِن هنا ؛ فمِن غير المعقول أنْ نُجرِّد منه قائداً دنيويَّاً مَهما كان عبقريَّاً.
الأمر الثاني : أنْ يكون هذا الهدف الذي يُقال أو أيُّ هدف يُقال ، جامعاً للشرائط ؛ لأنَّه ينقص منه شرط واحد وهو التحقُّق فعلاً ، فإنَّ هذا الهدف لم يتحقَّق أصلاً قطعاً ، فلا ينبغي أنْ نعتبره هدفاً كما سبق أنْ برهنَّا عليه هناك.
الأمر الثالث : أنْ نفهم مِن التاريخ أنَّ انتصار الحسين وفوزه المُباشر على أعدائه أمر مُحتمل ، وأنَّ احتماله وارد ومعقول ، بحيث يكون استهدافه أمراً معقولاً ، وأمَّا إذا كان في نفسه أمراً غير مُحتمل ، كما يعرفه جماعة مِن حُذَّاق المُجتمع ومُفكِّريه ـ بما فيهم الذين ناقشوه في الخروج إلى الجهاد (٢) ـ إذاً ، فلا يكون استهداف مثل هذا الهدف معقولاً عُرفاً وعقلائيَّاً وسياسيَّاً ، فضلاً عن الالتفات إلى العلم الإلهي والحكمة الإلهيَّة.
الهدف الرابع : المُحتمل لحركة الإمام الحسين عليهالسلام
__________________
(١) مقتل الخوارزمي ج ١ ص ٢١١ ـ الطبري ج ٦ ص ٢١١ ـ الإرشاد للمُفيد ص ٢١٤.
(٢) مَرَّ ذكرهم سابقاً فراجع.