الهدف الخامس : المُحتمل لثورة الحسين عليهالسلام ، هو طلب الإصلاح أو مُحاولة الإصلاح في الأُمَّة المُسلمة ، أُمَّة جده رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهذا هو الذي روي عنه عليهالسلام حين يقول : «لم أخرج أشِراً ولا بطِراً ولا ظالماً ، وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمَّة جَدِّي رسول الله صلىاللهعليهوآله أُريد أنْ آمر بالمعروف وأنهى عن المُنكر» (١) ، وذلك حين رأى سلام الله عليه أنَّ الدين قد تغيَّر عن القلوب وأنَّ المعروف لا يُعمل به وأنْ المُنكر لا يُتناهى عنه ، وأنَّه لم يبقَ منه صُبابة إلاَّ كصُبابة الإناء ، أو خساسة عيش
__________________
= فجذبه مِن حِجرها ، وضرب به الحائط فانتثر دماغه على الأرض أمام أُمِّه.
ويدخل القوم المدينة وتجول خيولهم فيها ، فيقتلون وينهبون فما تركوا في المنازل مِن أثاث ولا حُليٍّ ، ولم يتركوا فراشاً إلاَّ نفضوا صوفه ولم يتركوا حتَّى الحمامة والدجاج إلاَّ كانوا يذبحونها. فهذا أبو سعيد الخدري صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله يدخلون عليه ، فينتفون لحيته ويضربونه ضربات ثمَّ يأخذون كلَّ ما يجدون في بيته حتَّى الصوف ، وحتَّى زوج حمام كان له ، بالرغم مِن أنَّه عرَّف لهم نفسه.
والأفظع والأدهى مِن ذلك كلِّه إباحة مسلم بن عقبة ـ بأمر مِن يزيد ـ نساء المدينة المنوَّرة لجيش الشام ثلاثة أيَّام ، وكأنَّهنَّ لسن مُسلمات ، أو أنَّهنَّ أُسارى حرب غير المسلمين ، وهذه الجريمة النكراء ارتُكبت عند قبر النبي صلىاللهعليهوآله وفي حرم النبي وحِمى النبي ، فنادى مُنادٍ (مسلم) في أهل الشام : يا أهل الشام ، إنَّ أميركم مسلم بن عقبة ـ بأمر مِن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ـ أباح لكم هذه المدينة كلَّها ثلاثة أيَّام ، ومَن زنى بامرأة فذاك له. فوقع جيش الشام في الزنا بالمُسلمات ، وفيهن بنات المُهاجرين والأنصار ، وفيهن ذوات الأزواج ، وفيهن الأبكار ...
وأمَّا في السنة الثالثة ، فإنَّ خليفة المسلمين يبعث بجيش جرَّار إلى مكَّة المُكَّرمة ؛ لحصار عبد الله بن الزبير ، فرموا الكعبة المُقدَّسة بأحجار صخام ونار مِن المِنجنيق ، حتَّى حطَّموها وأحرقوها ، ولم يبقَ منها سوى المَدر ، فهذه ثلاث سنوات حكمها الطاغية ، فعمل بها تلك الجرائم الكُبرى ، وليت شِعري ، لو كان عاش أكثر مِن ذلك ماذا كان يفعل؟!
راجع دائرة معارف القرن العشرين ج ٤ ـ الإمامة والسياسة لابن قتيبة السفينة ج ١ ـ ناسخ التواريخ (مُجلَّد زين العابدين) ـ شواهد التنزيل ج ١ ص ٣٤٥ ـ تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير (وقائع سنة ٦١ ـ ٦٤ هـ) ـ تاريخ الفتوح لابن أعثم ج ٥.
(١) مقتل الخوارزمي ج ١ ص ١٨٨ مناقب بن شهرآشوب ج ٣ ص ٢٤١ ط نجف ـ أسرار الشهادة للدربندي ص ١٩١.