قالوا : فحظر الله على نبيه صلىاللهعليهوآله إخراج المخلفين معه بقوله : (قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل).
ثم أوجب عليهم الخروج مع الداعي لهم من بعده إلى قتال القوم الذين وصفهم بالبأس الشديد من الكفار ، وألزمهم طاعته في قتالهم حتى يجيبوا إلى الإسلام ووجدنا الداعي لهم إلى ذلك من بعده أبا بكر وعمر ؛ لأن أبا بكر (١) دعاهم إلى قتال المرتدين ، وكانوا أولي بأس شديد على الحال المعروفة ، ثم دعاهم عمر بن الخطاب من بعده إلى قتال أهل فارس ، وكانوا كفارا أشداء ، فدل ذلك على إمامتهما بما فرض الله تعالى في كتابه من طاعتهما (٢) ، فهذا دليل للقوم على نظامه الذي حكيناه ، فما قولكم فيه؟
قيل له : ما نرى في هذا الكلام ـ على إعجاب أهل الخلاف به ـ حجة تؤنس ، ولا شبهة تلتبس ، وليس فيه أكثر من الدعوى العرية عن البرهان ، ومن لجأ إلى مثله فيما يجب بالحجة والبيان ، فقد كشف عن عجزه وشهد على نفسه بالخذلان ، وذلك أن متضمن الآي ينبئ عن منع المخلفين من اتباع رسول الله صلىاللهعليهوآله عند الانطلاق إلى المغانم التي سأله القوم اتباعه ليأخذوها (٣) ، وليس فيه حظر عليه صلوات الله عليه وآله إخراجهم
__________________
(١) (لأن أبا بكر) ليس في ب ، م.
(٢) ممن ذهب إلى هذا الرأي ابن جريج والقرطبي والزمخشري والبيضاوي ، أنظر تفسير القرطبي ١٦ : ٢٧٢ ، الكشاف ٤ : ٣٣٨ ، تفسير البيضاوي ٢ : ٤١٠ ، الدر المنثور ٧ : ٥٢٠.
(٣) في ب ، ح ، م ، له وأخذها.