معه في غير ذلك الوجه ، ولا منع له كم من إيجاب الجهاد عليهم معه في مغاز أخر.
وبعد تلك الحال ، فمن أين يجب ، إذا كان الله تعالى قد أمره بإيذانهم عند الرد لهم عن وجه الغنيمة بالدعوة فيما بعد إلى قتال الكافرين ، أن يكون ذلك بدعاء من بعده دون أن يكون بدعائه هو بنفسه صلوات الله عليه وآله ، إذا كان صلىاللهعليهوآله قد دعا أمته إلى قتال طوائف من الكفار أولي بأس شديد بعد هذه الغزاة التي غنم المسلمون ، وحظر الله تعالى فيها على المخلفين الخروج ، وهل فيما ذكروه من ذلك أكثر من الدعوى على ما وصفناه؟
فصل
ثم يقال لهم : أليس الوجه الذي منع الله تعالى المخلفين من اتباع النبي صلىاللهعليهوآله فيه الوصول إلى الغنائم منه بالخروج معه ، هو فتح خيبر ، الذي بشر الله تعالى به أهل بيعة الرضوان على ما اتفق عليه أهل التفسير ، وتواتر به أهل السير والآثار (١)؟! فلا بد من أن يقولوا : بلى. وإلا سقط الكلام معهم فيما يتعلق بتأويل القرآن ، ويرجع فيه إلى علماء التفسير ورواة الأخبار ، إذا ما وصفناه إجماع ممن سميناه.
فيقال لهم : أو لستم تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد غزا بعد غزوة خيبر غزوات عديدة ، وسار بنفسه وأصحابه إلى مواطن كثيرة ،
__________________
(١) معالم التنزيل ٥ : ١٧٠ ، الكشاف ٤ : ٣٣٧ ، تفسير الرازي ٢٨ : ٩٠ ، تفسير القرطبي ١٦ : ٢٧٠ وغيرها.