على ما اقترحوه ، واعتبرنا فيما ادعوه من ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان بمثل ما اعتبروه ، لكان بأن يكون دلالة على إمامة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليهالسلام أولى من أن يكون دلالة على إمامة من ذكروه ، وذلك أن أمير المؤمنين عليهالسلام قد دعا بعد النبي صلىاللهعليهوآله إلى قتال الناكثين بالبصرة والقاسطين بالشام والمارقين بالنهروان ، واستنفر الكافة إلى قتالهم وحربهم وجهادهم ، حتى ينقادوا بذلك إلى دين الله تعالى الذي فارقوه ، ويخرجوا به عن الضلال الذي اكتسبوه ، وقد علم كل من سمع الأخبار ما كان من شدة أصحاب الجمل وصبرهم عند اللقاء ، حتى قتل بين الفريقين على قول المقل عشرة آلاف إنسان.
وتقرر عند أهل العلم أنه لم تر حرب في جاهلية ولا إسلام أصعب ولا أشد من حرب صفين ، ولا سيما ما جرى من ذلك ليلة الهرير ، حتى فات أهل الشام فيها الصلاة ، وصلى أهل العراق بالتكبير والتهليل والتسبيح ، بدلا من الركوع والسجود والقراءة ، لما كانوا عليه من الاضطرار (١) بتواصل اللقاء في القتال ، حتى كلت السيوف بينهم لكثرة الضراب ، وفنى النبل ، وتكسرت الرماح بالطعان ، ولجأ كل امرئ منهم عند عدم سلاحه إلى قتال صاحبه بيده وفمه ، حتى هلك جمهورهم بما وصفناه ، وانكشفت الحرب بينهم عن قتل نيف وعشرين ألف (٢)
__________________
(١) في ب ، ح ، م : الاضطراب.
(٢) في ب ، م : قتل عشرين ألف.