إنسان على قول المقل أيضا ، وضعف هذا العدد أو قريب من الضعف على قول آخرين بحسب اختلافهم في الروايات.
فأما أهل النهروان ، فقد بلغ وظهر من شدتهم وبأسهم وصبرهم على القتال مع أمير المؤمنين عليهالسلام بالبصرة والشام ، ما لم يرتب فيه من أهل العلم (١) اثنان ، وظهر من إقدامهم بعد التحكيم على قتل النفوس والاستسلام للموت والبأس والنجدة ما يغني أهل العلم به عن الاستدلال عليه ، والاستخراج لمعناه ، ولو لم يدل على عظم بأسهم وشدتهم في القتال إلا أنهم كانوا بالاتفاق أربعة آلاف إنسان ، فصبروا على اللقاء حتى قتل سائرهم سوى أربعة أنفس شذوا منهم على ما جاءت به الأخبار.
ولم يجر أمر أبي بكر وعمر في الدعوة مجرى أمير المؤمنين عليهالسلام لأنهما كانا مكتفيين بطاعة الجمهور لهما ، وانقياد الجماعات إلى طاعتهما ، وعصبية الرجال لهما ، فلم يظهر من دعائهما إلى قتال من سير إليه الجيوش ما ظهر من أمر أمير المؤمنين عليهالسلام في الاستنفار والترغيب في الجهاد والترهيب من تركه والاجتهاد في ذلك والتكرير له حالا بعد حال ، لتقاعد الجمهور عن نصرته ، وخذلان من خذله من أعداء الله الشاكين في أمره والمعاندين له ، وما مني به من تمويه خصومه وتعلقهم في استحلال قتاله بالشبهات.
ثم لم يبن من شدة أهل الردة وفارس مثل ما ذكرناه من أهل
__________________
(١) في أ : الإسلام.