وأهل البصرة والشام والنهروان ـ فيما زعم ـ لم يكونوا كفارا ، بل كانوا من أهل ملة الإسلام إلا أنهم فسقوا عن الدين ، وبغوا على الإمام ، فقاتلهم بقوله تعالى : (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله) (١).
وأكد ذلك عند نفسه بسيرة أمير المؤمنين عليهالسلام فيهم ، وبخبر رواه عنه عليهالسلام ، أنه سئل عنهم ، فقال : «إخواننا بغوا علينا» (٢) ولم يخرجهم عن حكم أهل الإسلام.
قال : فثبت بذلك أن الداعي إلى قتال من سماه الله تعالى ووصفه بالبأس الشديد (٣) إنما هو أبو بكر وعمر دون أمير المؤمنين عليهالسلام.
فصل
فقلت له : ما أبين غفلتك ، وأشد عماك! أنسيت قول أصحابك في المنزلة بين المنزلتين ، وإجماعهم على من استحق التسمية بالفسق خارج بما به استحق ذلك عن الإيمان والإسلام ، غير سائغ تسميته بأحد هذين الاسمين في الدين على التقييد والاطلاق ، أم جهلت هذا من أصل الاعتزال ، أم تجاهلت وارتكبت العناد؟!
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ٩.
(٢) قرب الإسناد : ٤٥ ، سنن البيهقي ٨ : ١٨٢ ، حياة الصحابة ٢ : ٤٩٦.
(٣) في ب ، ح ، م : والشدة.