إلى الرسول صلىاللهعليهوآله ، ولا روته عن حجة في الدين ، وإنما أخبرت به عن مقاتل والضحاك وداود الحواري والكلبي وأمثالهم ممن فسر القرآن بالتوهم ، وأقدم على القول فيه بالظن والتخرص حسب ما قدمناه.
وهؤلاء بالإجماع ليسوا من أولياء الله المعصومين ولا أصفيائه المنتجبين ، ولا ممن يلزم المكلفين قولهم والاقتداء بهم على كل حال في الدين ، بل هم ممن يجوز عليه الخطأ وارتكاب الأباطيل.
وإذا كان الأمر على ما وصفناه لم يضرنا ما ادعوه في التفسير ، ولا ينفع خصومنا على ما بيناه ممن يوجب اليقين ، على أن الآثار الصحيحة والروايات المشهورة والدلائل المتواترة قد كشفت عن فقر أبي بكر ومسكنته ، ورقة حاله وضعف معيشته ، فلم يختلف أهل العلم أنه كان في الجاهلية معلما ، وفي الإسلام خياطا (١) ، وكان أبوه صيادا ، فلما كف بذهاب بصره وصار مسكينا محتاجا ، قبضه عبد الله بن جدعان لندي (٢) الأضياف إلى طعامه ، وجعل له في كل يوم على ذلك أجرا درهما (٣) ، ومن كانت حاله في معيشته على ما وصفناه ، وحال أبيه على ما ذكرناه ، خرج عن جملة أهل السعة في الدنيا ، ودخل في الفقراء فما أحوجهم إلى
__________________
(١) ذكر ابن رسته في الأعلاق النفيسة : ١٩٢ أن أبا بكر كان بزازا.
(٢) ندوت القوم : جمعتهم في مجلس ، والمراد هنا يدعوهم إلى الطعام. «الصحاح ـ ندا ـ ٦ : ٢٥٠٥».
(٣) أنظر الشافي ٤ : ٢٤ و ٢٥ ، تلخيص الشافي ٣ : ٢٣٨.