وصارت وبالا عليه ، حسب ما ذكرناه.
فصل
فأما ادعاؤهم أن الله تعالى شهد لأبي بكر بأنه من أهل الفضل والسعة ، فليس الأمر كما ظنوه ، وذلك لقوله تعالى : (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة) (١) إنما هو نهي يختص بذكر أهل الفضل والسعة ، يعم في المعنى كل قادر عليه ، وليس بخبر في الحقيقة ولا المجاز.
وإنما يختص بذكر ما سميناه على حسب اختصاص الأمر بالطاعات بأهل الإيمان حيث يقول تعالى : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله) (٢) و (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) (٣).
وإن كان المعني من الأمر بذلك عاما لجميع المكلفين ، والمراد في الاختصاص من اللفظ ما ذكرناه ملاءمة الوصف لما دعا إليه من الأعمال ، وهو يجري مجرى قول القائل لمن يريد تأديبه ووعظه : لا ينبغي لأهل العقل والمروءة والسداد أن يرتكبوا الفساد ، ولا يجوز لأهل الدين والعفاف أن يأتوا (٤) قبائح الأفعال ، وإن كان المخاطب بذلك ليس من أهل المروءة والسداد ، ولا أهل الديانة والعفاف ، وإنما خص
__________________
(١) سورة النور ٢٤ : ٢٢.
(٢) سورة الأنفال ٨ : ٢٠.
(٣) سورة آل عمران ٣ : ١٠٢.
(٤) في ب ، ح ، م : أن يرتكب.