بالمنكر ما وصفناه لما قدمناه وبيناه.
فيعلم أن ما تعلق به المخالف فيما ادعاه من فعل أبي بكر من لفظ القرآن على خلاف ما توهمه وظنه ، وأنه ليس من الخبر في شئ على ما بيناه.
وأما قولهم : أن أبا بكر كان من أهل السعة في الدنيا بظاهر القرآن ، فالقول فيه كالمتقدم سواء ، ومن بعد ذلك فإن الفضل والسعة والنقص والفقر من باب التضايف ، فقد يكون الإنسان من ذوي الفضل بالإضافة إلى من دونه من أهل الضائقة والفقر (١) ، ويكون مع ذلك مسكينا بالإضافة إلى من هو أوسع حالا منه ، وفقيرا إلى من هو محتاج إليه.
وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، لم ينكر وصف أبي بكر بالسعة عند إضافة حاله إلى مسطح وأنظاره من المضطرين بالفقر ومن لا معيشة له ولا عائدة عليه ، كما يكون السقف سماء لمن هو تحته ، وتحتا لمن هو فوقه ويكون الخفيف ثقيلا عندما هو أخف منه وزنا ، والقصير طويلا بالإضافة إلى من هو أقصر منه ، وهذا ما لا يقدح في قول الشيعة ، ودفعها الناصبة عما ادعته لأبي بكر من الاحسان والإنفاق على النبي صلىاللهعليهوآله ، حسب ما تخرصوه من الكذب في ذلك ، وكابروا به العباد ، وأنكروا به ظاهر الحال ، وما جاء به التواتر من الأخبار ، ودل عليه صحيح النظر والاعتبار ، وهذا بين لمن تدبره.
__________________
(١) في ب : الإضافة والفضل.