فصل
وقد روت الشيعة سبب نزول هذه الآية من كلام جرى بين بعض المهاجرين والأنصار ، فتظاهر المهاجرون عليهم وعلوا في الكلام ، فغضبت الأنصار من ذلك ، وآلت بينها أن لا تبر ذوي الحاجة من المهاجرين ، وأن تقطع معروفها عنهم ، فأنزل الله سبحانه هذه الآية ، فاتعظت الأنصار بها ، وعادت إلى بر القوم وتفقدهم ، وذكروا في ذلك حديثا طويلا وشرح جوابه أمرا بينا.
فإذا ثبت مذهبهم في ذلك سقط السؤال من أصله ، ولم يكن لأبي بكر فيه ذكر ، واستغني بذلك عن تكلف ما قدمناه ، إلا أنا قد تطوعنا على القوم بتسليم ما ادعوه ، وأوضحنا لهم عن بطلان ما تعلقوا به فيه ، استظهارا للحجة وإصدارا عن البيان ، والله الموفق للصواب.
فصل آخر
ثم يقال لهم : خبرونا عما ادعيتموه لأبي بكر من الفضل في الدنيا ، لو انضاف إلى التقوى ، ونزول القرآن أن تصريح الشهادة له به عودا بعد سدى ، هل كان موجبا لعصمته من الضلال في مستقبل الأحوال ، ودالا على صوابه في كل فعل وقول ، وأنه لا يجوز عليه الخطأ والنسيان ، وارتكاب الخلاف لله تعالى والعصيان؟
فإن ادعوا له بالعصمة من الآثام ، وأحالوا من أجله عليه الضلال في الاستقبال ، خرجوا عن الاجماع ، وتفردوا بالمقال ، بما لم يقبله