ومن وصفه بذلك فقد قدح في نبوته ، وأخرجه عن الإيمان بالله تعالى ، وأدخله في جملة أعدائه وأهل مخالفيه ، وذلك ضلال عظيم.
وإذا خرج أبو بكر بحزنه الذي كان منه في الغار على الاتفاق من طاعة الله تعالى ، فقد دخل به في معصية الله ، إذ ليس بين الطاعة والمعصية في أفعال العاقل الذاكر واسطة على تحقيق النظر ، ومن جعل بينهما قسما ثالثا ـ وهو المباح ـ لزمه فيه ما لزم في الطاعة ، إذ كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يحظر ما أباحه الله تعالى ، ولا يزجر عما شرعه الله.
وإذا صح أن أبا بكر كان عاصيا لله سبحانه يحزنه المجمع على وقوعه منه في الغار ، دل على استحقاقه الذم دون المدح ، وكانت الآية كاشفة عن نقصه بما بيناه.
ومنها : أن الله سبحانه أخبر في هذه الآية أنه خص نبيه صلىاللهعليهوآله بالسكينة دون أبي بكر ، وهذا دليل على أن حاله غير مرضية لله تعالى ، إذ لو كان من أولياء الله وأهل محبته لعمته السكينة مع النبي صلىاللهعليهوآله في ذلك المقام ، كما عمت من كان معه صلىاللهعليهوآله ببدر وحنين ، ونزل القرآن ، فقال تعالى في هذه السورة : (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين) (١).
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٢٥ ، ٢٦.