مسألة أخرى
فإن قالوا : إن الأمة مجمعة على أن رسول الله صلىاللهعليهوآله خص أبا بكر وعمر يوم بدر بالكون معه في العريش ، وصانهما عن البذل في الحرب ، وأشفق على حياتهما عن ضرب السيوف ، وفزع إليهما في الرأي والتدبير ، وهذا أمر أبين فضلا وأجل منقبة ، فقولوا في ذلك ما عندكم في معناه.
جواب :
قيل لهم : ما أراكم تعتمدون في الفضائل إلا على الرذائل ، ولا تصلون المناقب إلا بذكر المثالب ، وذلك دليل خذلانكم وخزيكم في الدين وضلالكم.
أما كون أبي بكر وعمر مع رسول صلىاللهعليهوآله في العريش ببدر فلسنا ننكره ، لكنه لغير ما ظننتموه ، والأمر فيه أوضح من أن يلتبس بما توهمتموه ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما علم من جبنهما عن الحروب ، وخوفهما من البراز للحتوف ، وجزعهما من لقاء الأبطال ، وضعف بصيرتهما ، وعدم ثباتهما في القتال بما أوجب في الحكمة والدين والتدبير ،