التنزيل ، فلو كانوا من جملة المؤمنين (١) لما منعهم رسول الله صلىاللهعليهوآله من الوفاء بشرط الله عليهم في القتال ، ولا حال بينهم وبين التوصل بالجهاد إلى ما وعد الله عليه أهل الإيمان من عظيم الثواب ، في محل النعيم والأجر الكبير ، الذي من ظفر به كان من الفائزين ، لأنه صلىاللهعليهوآله إنما بعث بالحث على أعمال الخيرات ، والاجتهاد في القرب والطاعات ، والترغيب في بذل النفوس في جهاد الأعداء ، وإقامة المفترضات.
ولما وجدناه قد منع هذين الرجلين من الجهاد ، وحبسهما عما ندب إليه خيار (٢) العباد ، دل على أنهما بخلاف صفات من اشترى الله تعالى نفسه بالجنة من أهل الإيمان ، وهذا واضح لذوي العقول والأذهان.
ويزيد ذلك بيانا انهزامهما مع المنهزمين في يوم أحد ، وفرارهما من مرحب يوم خيبر ، وكونهما من جملة المولين الأدبار في يوم الخندق ، وأنهما لم يثبتا لقرن قط ، ولا بارزا بطلا ، ولا أراقا في نصرة الإسلام دما ، ولا احتملا في الذب عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ألما ، وكل ذلك يؤكد ما ذكرناه في معناه ، ويزيل عن ذوي الاعتبار الشبهات فيما ذكره أهل الضلالات.
وأما قولهم : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله صانهما عن البذل في الحرب ، وأشفق عليهما من ضرب السيف ، فهو أوهن كلام وأضعفه ، وذلك أنه صلىاللهعليهوآله عرض في ذلك اليوم عمه حمزة أسد الله وأسد رسوله للحرب ، وبذل إليها أخاه وابن عمه وصهره وأحب الخلق إليه أمير المؤمنين علي
__________________
(١) «الذين نعتهم الله .. جملة المؤمنين) ليس في ب ، ح ، م.
(٢) في ب ، ح ، م : حيال.