فرارهما : «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه» (١).
وقد بينا ما يقتضيه فيهما من فحوى هذا الكلام فيما تقدم ، ولا حاجة لنا إلى تكراره.
فصل
وأما قولهم : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله إنما حبسهما عن القتال لحاجة منه إلى رأيهما في التدبير. فإنه نظير ما سلف من جهلهم ، بل أفحش منه ، وذلك لأن النبي صلىاللهعليهوآله كان معصوما وكانا بالاتفاق غير معصومين ، وكان صلىاللهعليهوآله مؤيدا بالملائكة ولم يكونا مؤيدين.
وقد ثبت أن العاقل لا يستمد الرأي إلا ممن يعتقد فضله عليه منه ، ومتى استمد ممن يساويه أو يقاربه في معناه فلجواز عدوله عن صوابه بالغلط عن طريقه ، وما يلحقه من الآفات في النظر ، ويحول بينه وبين الحق فيه من الشبهات.
وإذا فسد القول بفضل أبي بكر وعمر على رسول الله صلىاللهعليهوآله في الرأي ، بل في كل شئ من الأشياء ، وبطل مساواتهما له ومقاربتهما إياه مع ما يبطل من جواز الغلط عليه ، ولحوق الآفات به لعصمته (٢) صلىاللهعليهوآله ، استحال مقال من زعم أنه كان محتاجا إليهما في الرأي.
__________________
(١) تقدم مع تخريجاته في ص : ٣٤.
(٢) في أ زيادة : ورأفته.