فأما تقدمه على الناس فكان بقول عائشة دون النبي صلىاللهعليهوآله ، وبذلك جاءت الأخبار وتواترت الأحاديث والآثار ، ومن الدعي غير ذلك فعليه حجة البرهان والبيان.
فصل
على أننا لو صححنا حديث عائشة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وسلمنا لهم صدقها فيه (١) تسليم جدل ، وإن كانت الأدلة تبطله وتقضي بفساده من كل وجه ، لما أوجب ما ادعوه من فضله على الجماعة ، لأنهم مطبقون على أن النبي صلىاللهعليهوآله صلى خلف عبد الرحمن بن عوف الزهري (٢) ، ولم يوجب ذلك له فضلا عليه ولا غيره من المسلمين.
ولا يختلفون أنه صلىاللهعليهوآله أمر عمرو بن العاص على أبي بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والأنصار ، وكان يؤمهم طول زمان إمارته في الصلاة عليهم ، ولم يدل ذلك على فضله عليهم في الظاهر ، ولا عند الله تعالى على حال من الأحوال.
وهم متفقون على أن النبي صلىاللهعليهوآله قال لأمته : «صلوا خلف كل بر وفاجر» (٣) وأباح لهم الصلاة خلف الفجار ، وجوز بذلك إمامة إمام لهم
__________________
(١) (صدقها فيه) ليس في ب.
(٢) صحيح مسلم ١ : ٢٣٠ / ٨١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٩٢ / ١٢٣٦ ، سنن النسائي ١ : ٧٧ ، سنن أبي داود ١ : ٣٨ / ١٥٥٢.
(٣) كنز العمال ٦ : ٥٤ / ١٤٨١ عن سنن البيهقي ، عوالي اللئالي ١ : ٣٧ / ٢٨.