فصل
على أنه لو كان لأبي بكر إنفاق على ما تدعيه الجهال ، لوجب أن يكون له وجه معروف ، وكان يكون ذلك لوجه ظاهر مشهور ، كما اشتهرت صدقة أمير المؤمنين عليهالسلام بخاتمه ، وهو في الركوع حتى علم به الخاص ، والعام ، وشاعت نفقته بالليل والنهار والسر والاعلان ، ونزول بها محكم القرآن ، ولم تخف صدقته التي قدمها بين يدي نجواه ، حتى أجمعت عليها أمة الإسلام ، وجاء بها صريح القول في البيان ، واستفاض إطعام المسكين (١) واليتيم والأسير ، وورد الخبر به مفصلا في (هل أتى على الإنسان) (٢).
فكان أقل ما يجب في ذلك أن يكون كشهرة نفقة عثمان بن عفان في جيش العسرة ، حتى لم يختلف في ذلك من أهل العمل اثنان (٣) ، ولما خالف الخبر في إنفاق أبي بكر ما ذكرناه ، وكان مقصورا على ابنته خاصة ، ويكفي في ما شرحناه ، ومضافا إلى من في طريقه من أمثال الشعبي وأشباهه المعروفين بالعصبية لأبي بكر وعمر وعثمان ، والتقرب إلى بني أمية بالكذب والتخرص والبهتان ، مما يدل على فساده بلا ارتياب.
__________________
(١) (حتى أجمعت .. المسكين) ليس في ح ، وفي ب : وصدقته حين أجمع المسكين.
(٢) سورة الإنسان ٧٦ : ١.
(٣) (فكان أقل .. اثنان) ليس في ب ، ح ، م.