ها هنا ، وعمر بن الخطاب من بين الثلاثة صفر منه بالاتفاق ، أما عثمان فقد كان له ذلك ، وإن كان بلا فضل ، فإن خلو القرآن من مديح له على ما كان منه ، دليل على أنه لا فصل له فيه ، ولو حصل له به قسط من الفضل لكان كسهم غيره من المنفقين الذين لم يجب لهم التقدم بذلك في إمامة المسلمين.
وأما الزهد في الدنيا : فقد قضى بتعرية الثلاثة منه مثابرتهم على الإمارة ، ومضاربتهم الأنصار على الرئاسة ، ومسابقتهم إلى الحلية في التظاهر باسم الإمامة ، وتر كوا رسول الله صلىاللهعليهوآله مسجى بين أظهرهم ، لم يقضوا له بذلك في مصابه حقا ، ولا حضروا له غسلا وتجهيزا ، ولا صلاة ولا تشييعا ولا دفنا ، وتوفروا على مخاصمة من سبقهم إلى السقيفة طمعا في العاجل ، وزهدا في الآجل ، وسيعا في حوز الشهوات ، وتناولا للذات ، وتطاولا على الناس بالرئاسات ، ولم يخرجها الأول منهم عن نفسه حتى أيقن بهلاكه ، فجعلها حينئذ في صاحبه ضنا بها على سائر الناس ، وغبطة لهم.
وكان من أمر الثاني في الشورى ما أوجب تحققه بها بعد وفاته ، وتحمل من أوزارها ما كان غنيا عنه لو سنحت بها نفسه إلى مستحقها ، وظهر بعده من الثالث ما استحل به أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله دمه ، من إطراح الدين ، والانقطاع إلى الدنيا ، وقضاء الذمامات بأموال الله تبارك وتعالى ، وتقليد الفجار من بني أمية ومروان رقاب أهل الأديان ، ولما طولب بنزعها عنه ليقوم بها من سلك طرق الدين ، امتنع من ذلك