حبا للدنيا ، وتأكد طمعه فيها ، إلى أن سفك القوم دمه على الاستحلال له ، ورفع الحظر والتحريم.
ثم فأي زهد حصل لهم مع ما وصفناه ، وأي شبهة تبقى على مخالف في خروجهم عن خصال الفضل كلها مع ما ذكرناه ، لولا أن العصبية ترين على القلوب؟!
فصل
وأما سؤالهم عن علة تقديم الناس لهم مع ما ذكروه من أحوالهم في النزول عن الشرف ، وقلة العشيرة والمال ، فلذلك غير علة :
إحداها : أنهم قصدوا إلى من ليس بأشرفهم فقدموه ، ليكون ذلك ذريعة إلى نيل جماعاتهم الإمامة ، مع اختلافهم في منازل الشرف ، ولا يمنع أحدا منهم انحطاطه عن أعلى الرتب في النسب من التقدم إلى من هو أشرف منه ، ولو حصروها في أعلى القوم نسبا وأكرمهم حسبا لاختصت بفريق ، وحصل الباقون منها أصفارا ، ثم لو جعلوها فيمن كان غيره أكثر منه مالا لطمع الفقراء كلهم بذلك فيها ، وتقدير هم حوز الأفعال ، ولم يحصروها في أعزهم عشيرة مخافة أن يتغير عليهم ، فلا يتمكنون من إخراجها منه ، ولامتنع عنهم (١) بعشيرته فلا يبلغون منه المراد.
__________________
(١) في أ ، ب ، ح : وبفقرهم ، بدل : (ولامتنع عنهم).