الأنبياء لهم وتوبيخ الحكماء.
وكذلك كانت حال قوم موسى عليهالسلام حين خالفوا نبيهم في عبادة العجل واتبعوا السامري ، فتركوا (١) هارون نبي الله ، ولم يصغوا إلى وعظه ، ولا التفتوا إلى قوله ، ولا اعتنوا بحجته ، ولم يكن السامري أكثر القوم مالا ، ولا أشرفهم نسبا ، ولا أعزهم عشيرة.
وقد اتبع كثير من العرب مسيلمة الكذاب ، مع ظهور نقصه وعجزه وحماقته ، واشتهار كذبه وسخفه ، وتركوا رسول الله صلىاللهعليهوآله مع ظهور فضله وكمال عقله ، واشتهار صدقه فيهم ، وأما منته ، وشرف أصله وكرم فرعه ، وبرهان أمره ووضوح حجته وعجيب آياته ، ولم يك مسيلمة أعزهم عشيرة ، ولا أكثرهم مالا ، ولا أشرفهم نسبا ، بل كان بالضد من هذه الصفات كلها ، ولم يمنع ذلك من الضلال به ، وتقديم أتباعه له ، وارتداد جماعة ممن كان قد أسلم عن دينه واللحوق به.
وقد ظهر من اتباع الجمهور لأراذل الناس وانصرافهم عن أفاضلهم على مرور (٢) الأوقات ما لا يمكن دفعه ، ولم يك ذلك لعز عشيرة ، ولا لشرف نسب ، ولا كثرة مال ، بل كان بتمام حيلة وجد في الدنيا واتفاق ، حتى ساست النساء الرجال ، وتقدم الأطفال على العقلاء ، واسترق العبيد الأحرار ، واستعبد الأوضاع الأشراف ، وحكم الجهال على العلماء.
__________________
(١) في أ : فشكوا بدل (فتركوا).
(٢) في بـ زيادة : الأيام و.