فإن قال : أبينوا لي عن صحة هذا المقال ، فإني أراكم مدعين الاجماع فيما ظاهره الاختلاف ، ولست أقنع منكم فيه إلا بالشرح لوجهه والبيان (١).
قيل له : ليس فيما حكيناه من الاجماع (٢) اختلاف ظاهر ولا باطن ، فإن ظننت ذلك لبعدك عن الصواب ، أفلا ترى أن الشيعة من فرق الأمة تقطع بإمامته عليهالسلام بعد النبي صلىاللهعليهوآله بلا فصل ، وتقضي له بذلك إلى وقت وفاته ، وتخطئ من شك في هذا المقال على كل حال؟
والحشوية (٣) والمرجئة (٤) والمعتزلة متفقون على إمامته عليهالسلام بعد عثمان ، وأنه
__________________
(١) في ب ، م : والمقال.
(٢) (من الاجماع) ليس في ب ، م.
(٣) سميت الحشوية بهذا الاسم ، لأنهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن الرسول صلىاللهعليهوآله ، أي يدخلونها فيها وليست منها ، وهم من فرق المرجئة يقولون بالجبر والتشبيه ، وإن الله تعالى موصوف عندهم بالنفس واليد والسمع والبصر ، وقالوا : كل ثقة من العلماء يأتي بخبر مسند عن النبي فهو حجة. «المقالات والفرق : ٦ ، ١٣٦». وأراد المصنف بالحشوية هنا أهل السنة عموما ، أنظر ص ٩١ و ٢١٦.
(٤) المرجئة : اختلف فيهم على أقوال : فقيل هم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضير مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، سموا مرجئة لاعتقادهم أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم عن المعاصي ، أي أخره عنهم.
وقيل : هم الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل ، لأنهم يقدمون القول ويؤخرون العمل.
وقيل : ما عدا الشيعة من العامة ، وسموا مرجئة لأنهم زعموا أن الله تعالى أخر نصب الإمام ليكون نصبه باختيار الأمة بعد النبي صلىاللهعليهوآله. «المقالات والفرق : ٥ ، ١٣١ ، مجمع البحرين ـ رجا ـ ١ : ١٧٧».