فإن الأمة متفقة على أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قدمه في حياته ، وأمره على جماعة من وجوه أصحابه ، واستخلفه في أهله واستكفاه أمرهم عند خروجه إلى تبوك قبل وفاته ، واختصه لإيداع أسراره ، وكتب عهوده ، وقيامه مقامه في نبذها إلى أعدائه ، وقد كان ندب ليعرض ذلك من تقدم عليه ، فعلم الله سبحانه أنه لا يصلح له ، فعزله بالوحي من سمائه.
ولم يزل (١) يصلح به إفساد من كان على الظاهر من خلصائه ، ويسد به خلل أفعالهم المتفاوتة بحكمه وقضائه ، وليس يمكن أحد ادعاء هذه الأفعال من الرسول صلىاللهعليهوآله لغير أمير المؤمنين عليهالسلام ، على اجتماع ولا اختلاف ، فيقدح بذلك في أس (٢) ما أصلناه وبيناه.
وأما الأقوال المضارعة لهذه الأفعال في الدلالة : فهي أكثر من أن تحصى على ما شرطناه (٣) في الاختصار ، وإن كنا سنورد منها ما فيه كفاية ، إن شاء الله تعالى :
فمنها : ما سلم لروايته الجميع من قول الرسول صلىاللهعليهوآله بغدير خم (٤) ، بعد أن قرر أمته على المفترض له من الولاء الموجب لإمامته عليهم ، والتقدم لسائرهم في الأمر والنهي والتدبير ، فلم ينكره أحد منهم ،
__________________
(١) (يزل) ليس في أ.
(٢) الأس : الأصل. «الصحاح ـ أسس ـ ٣ : ٩٠٣».
(٣) في أ ، ب ، ح : على شرطنا.
(٤) خم : بئر حفرها مرة بن كعب ، ونسب إلى ذلك غدير خم ، وهو بين مكة والمدينة. «معجم البلدان ٢ : ٣٨٨».