ثم الطبقة التي تليهم ، كخباب (١) وعمار وأبي ذر والمقداد وزيد بن حارثة ، ونظرائهم في الاجتهاد وحسن الأثر والبلاء والاخلاص لله ولرسوله صلىاللهعليهوآله في السر والاعلان.
وبعد : فلو سلمنا لك دعواك لمن ادعيت الفضل لهم على ما تمنيت ، لم يمنع مما ذكرناه ، لأنه لا يوجب لهم العصمة من الضلال ، ولا يرفع عنهم جواز الغلط والسهو والنسيان ، ولا يحيل منهم تعمد العناد.
وقد رأيت ما صنع شركاؤهم في الصحبة والهجرة والسبق إلى الإسلام حين رجع الأمر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام باختيار الجمهور منهم والاجتماع (٢) ، فنكث بيعته طلحة والزبير ، وقد كانا بايعاه على الطوع والإيثار ، وطلحة نظير أبي بكر ، والزبير أجل منهما على كل حال ، وفارقه سعد بن أبي وقاص وهو أقدم إسلاما من أبي بكر ، وأشرف منه في النسب ، وأكرم منه في الحسب ، وأحسن آثارا من الثلاثة في الجهاد.
وتبعه على فراقه وخذلانه محمد بن مسلمة وهو من رؤساء الأنصار ، واقتفى آثارهم في ذلك وزاد عليها بإظهار سبه (٣) والبراءة منه حسان ، فلو كانت الصحبة مانعة من الضلال لمنعت من ذكرناه ومعاوية
__________________
(١) خباب بن الأرت التميمي ، صحابي ، من نجباء السابقين ، شهد المشاهد كلها ، ونزل الكوفة فمات سنة (٣٧) هـ. «سير أعلام النبلاء ٢ : ٣٢٣ / ٦٢. حلية الأولياء ١ : ٣٥٩ ، الإصابة ٢ : ١٠١ / ٢٢٠٦ ، رجال الشيخ الطوسي : ١٩ / ٣.
(٢) (والاجتماع) ليس في ب ، م.
(٣) في ب ، ح ، م : وزاد عليهم في سبه.