وقوله تعالى : (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) (١).
ويقال له أيضا : أليس الله تعالى يقول : (كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين) (٢).
وفي الأنفس من لم يرده ، ولم يستثنه لفظا ، وهم : الأطفال والبله (٣) والبهائم والمجانين؟! وإنما يدل استثناؤهم لفظا (٤) على استثناء أهل (٥) العقول.
فبم ينكر أن يكون الشرط في السابقين مثل الشرط في التابعين ، وأن اللفظ من ذكر السابقين موجود في التابعين؟ وهذا بين لمن تدبره.
على أن الذي ذكرناه في الخبر ، وبينا أنه لا يجوز من الحكيم تعالى أن يقطع بالجنة إلا على شرط الاخلاص ، لما تحظره الحكمة من الاغراء بالذنوب ، يبطل ظنهم في تأويل هذه الآية ، وكل ما يتعلقون به من غيرها في القطع على أمان أصحابهم من النار ، للاجماع على ارتفاع العصمة عنهم ، وأنهم كانوا ممن يجوز عليه اقتراف الآثام ، وركوب الخلاف لله تعالى على العمد والنسيان ، وقد تقدم ذلك فيما سلف ، فلا حاجة بنا إلى الإطالة فيه.
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٣٤.
(٢) سورة المدثر ٧٤ : ٣٨ ، ٣٩.
(٣) البله : جمع أبله : ضعيف العقل. «مجمع البحرين ـ بله ـ ٦ : ٣٤٣».
(٤) (وهم الأطفال .. لفظا) ليس في أ.
(٥) (أهل) ليس في أ ، ب ، ح.