وأوضح وأقرب طريقا ، وذلك أن الله تعالى ذكر المبايعين (١) ، وخصص من توجه إليه الرضا من جملتهم بعلامات نطق بها التنزيل ، ودل بذلك على أن أصحابك ـ أيها الخصم ـ خارجون عن الرضا على التحقيق ، فقال جل اسمه : (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) (٢).
فخص سبحانه بالرضا منهم من علم الله منهم الوفاء ، وجعل علامته من بينهم ثباته في الحروب بنزول السكينة عليه ، وكون الفتح القريب به وعلى يديه ، ولا خلاف بين الأمة أن أول حرب لقيها رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد بيعة الرضوان حرب خيبر ، وأنه قدم أبا بكر فيها فرجع منهزما فارا من مرحب ، وثنى بعمر فرجع منهزما فارا ، يجبن أصحابه ويجبنونه.
فلما رأى ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرارا ، لا يرجع حتى يفتح الله تعالى على يديه» (٣) فأعطاها أمير المؤمنين عليهالسلام فلقي مرحبا فقتله ، وكان الفتح على يديه واختص الرضا به (٤) ، ومن كان معه من أصحابه وأتباعه ، وخرج صاحباك من الرضا بخروجهما عن الوفاء ،
__________________
(١) في ب ، م : السابقين.
(٢) سورة الفتح ٤٨ : ١٨.
(٣) تقدم مع تخريجاته في ص ٣٤.
(٤) (واختص الرضى به) ليس في ب ، م.