وتعريهما من السكينة ، لانهزامهما وفرارهما وخيبتهما من الفتح القريب ، لكونه على يد غيرهما ، وخرج من سميت من أتبعاهما (١) منه ، إذ لا فتح لهم ولا بهم على ما ذكرناه (٢) وانكشف عن الرجلين خاصة ، بدليل قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ويحبه الله ورسوله» ما كان مستورا ، لاستحقاقهما في الظاهر ضد ذلك من الوصف ، كما استحقا اسم الفرار دون الكرار ، ولولا أن الأمر كما وصفناه لبطل معنى كلام النبي صلىاللهعليهوآله ، ولم يكن له فائدة ، وفسد تخصيصه عليا عليهالسلام بما ضمنه من الثناء على ما شرحناه.
ومما يؤيد ذلك ويزيده بيانا قول الله عز وجل : (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا) (٣).
فدل على أنه تعالى يسأل المولين (٤) يوم القيامة عن العهد ، ويعاقبهم بنقض العهد ، وليس يصح اجتماع الرضا والمسألة والعقاب لشخص واحد ، فدل ذلك على خصوص الرضا ، ووجب إلحاقه في الحكم بما لا يتوجه إليه السؤال ، وإذا وجب ذلك بطل تعلق الخصم في الآية بالعموم ، وسقط اعتماده على البيعة في الجملة.
وعلى كل حال ، هذا إن لم يكن في الآية نفسها وفيما تلوناه بعدها دليل على خروج القوم من الرضا ، وكان الأمر ملتبسا ، فكيف وفيها
__________________
(١) في أ : أتباعا.
(٢) (على ما ذكرناه) ليس في ب ، ح ، م.
(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ١٥.
(٤) في أ : المؤمنين.