نزلت فيهم بهذا الضرب من الاعتبار ، وإلا فبينوا لنا الوجه في معناها ، إن لم يكن الأمر على ما ذكرناه.
قيل له : إن تفسير القرآن لا يؤخذ بالرأي ، ولا يحمل على اعتقادات الرجال والأهواء ، وما حكيته من ذلك عن المفسرين فليس هو إجماعا منهم ، ولا مرجوعا به إلى ثقة ممن تعاطاه ومن ادعاه ، ولم يسنده إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، ولا إلى من تجب طاعته على الأنام.
وممن فسر القرآن عبد الله بن عباس ، والمحكي عنه في تأويل هذه الآية غير ما وصفت بلا تنازع بين حملة الآثار ، وكذلك المروي عن محمد بن علي عليهماالسلام ، وعن عطاء ومجاهد (١) ، وإنما ذكر ذلك برأيه وعصبيته مقاتل بن سليمان ، وقد عرف نصبه لآل محمد صلىاللهعليهوآله وجهله وكثرة تخاليطه في الجبر والتشبيه ، وما ضمنته كتبه في معاني القرآن.
على أن المفسرين للقرآن طائفتان : شيعة ، وحشوية ، فالشيعة لها في هذه الآية تأويل معروف تسنده إلى أئمة الهدى عليهمالسلام ، والحشوية مختلفة في أقاويلها على ما ذكرناه ، فمن أين يصح إضافة ما ادعوه من التأويل إلى مفسري القرآن جميعا على الاطلاق ، لولا عمى العيون وارتكاب العناد؟!
فأما ما حكوه (٢) في معناها عن المتكلمين منهم ، فقد اعتمده
__________________
(١) أنظر سعد السعود : ١٦٦ ـ ١٧٣ ، مجمع البيان ٧ : ٢٣٩ ، تفسير الطبري ١٨ : ١٢٢ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٢٩٧.
(٢) في ب ، م : حكموه.