أما أقوال أبي طالب وأشعاره المثبتة في كتب السير والتواريخ والحديث والتي يرويها المخالف والمؤالف ، فهي صريحة في اعترافه برسالة محمد صلىاللهعليهوآله ونبوته وأمانته وصدقه ، وأنه يوحى إليه من ربه ، وخاتم الأنبياء ، وتعرب عن كمال إيمانه وحقيقة إخلاصه لصاحب الشريعة وتفانيه في نصرة الاسلام وحماية بيضته.
وكل هذه الأشعار قد جاءت مجئ التواتر ، فإن لم تكن آحادها متواترة فمجموعها متواتر يدل على أمر واحد لا غير ، وهو إيمانه وتصديقه بمحمد صلىاللهعليهوآله كما أن كل واحدة من قتلات علي عليهالسلام الفرسان منقولة آحادا ومجموعها متواتر ، يفيدنا العلم الضروري بشجاعته ، وكذلك القول فيما يروى عن سخاء حاتم وحلم الأحنف...
وأما ما يروى عن آله وذويه وولده ، خاصة أمير المؤمنين علي وأولاده المعصومين عليهمالسلام ، فصريحة في إثبات إيمانه ، ولم يؤثر عنهم ما يخالفه ، بل أكدوا أن «إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى ، لرجح إيمان أبي طالب» (١) وكتبوا إلى بعض ثقاتهم وخاصتهم «إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار» (٢) ، وأهل البيت أدرى بما فيه.
ورغم كل ذلك فقد حاول بعض من في قلوبهم مرض ، وممن فاتهم إيذاء رسول الله في حياته ومحاربة دعوته ، أن يقوضوا دعامة من دعائم
__________________
(١) الحبة على الذاب إلى تكفير أبي طالب : ٨٥ ، شرح نهج البلاغة ١٤ : ٦٨.
(٢) الحجة على الذاب إلى تكفير أبي طالب : ٧٧ و ٨٢ ، كنز الفوائد ١ : ١٨٣.