يستقبحونه ، ألا يكفي حكم العقلاء لتحريمه؟
خالي : أولا : إذا نظرنا إلى حكم العقل بعيداً عن العقلاء فإن العقل لا يرى فيه قبحاً ؛ لأن العقل إذا نظر إلى أمر نظر له وهو مجرَّد عن كل العناوين وكل الاعتبارات ، فإذا جرَّدنا هذه التصرُّفات من كل عناوينها لا يتمكَّن العقل من الحكم عليها ؛ لأنها من الأمور غير الذاتيّة القبح أو الحسن كالعدل والظلم ، وإنما من الأمور التي يدور حكم العقل فيها مع العنوان ، فمثلا : الضرب كموضوع إذا نظرنا له بعيداً عن أيِّ اعتبار ليس قبيحاً ، وليس هو حسناً ، فإذا كان الضرب مع عنوان التأديب فهو حسن ، والضرب نفسه مع عنوان الإيذاء والظلم فهو قبيح ، فبالتالي الحسن والقبح يدوران مدار العنوان ، كذلك بعض الشعائر الحسينيّة ، فهي إمَّا أن تكون بعنوان إحياء أمر أهل البيت عليهمالسلام وبالتالي إحياء الإسلام ، وإمَّا بأيِّ عنوان سلبيٍّ آخر ، فإن كانت بالأول فهي حسنة ، وإن كانت بالثاني فهي قبيحة ، وأظنُّ أنّ الأمر واضح أن هذه الشعائر بالقصد الأوَّل.
أمَّا حكم العقلاء فهو دائر مدار المصلحة العامة من الفعل أو المفسدة ، ولا يرى العقلاء أيَّ مفسدة في أن يقوم مجموعة من الناس بشعيرة معيَّنة لمصلحة تخصُّهم ، كما لا يرى مانع أن يخترع مجموعة من الناس احتفالا يعظِّمون فيه أمراً ما ، مثلا : كأس العالم في كرة القدم الذي يقوم كل أربع سنوات بإجراء منافسات دوليّة ينشغل بها كل العالم ، فلا يستقبح العقلاء هذا الأمر.
أمَّا حكم العرف والذوق والميل والحب والكراهية كلها عناوين لا يمكنها تشكيل معيار لمحاكمة أيِّ قضية ، فإذا كان هناك عرف لا يحبِّذ الشعائر الحسينيّة فهناك عرف آخر يحبِّذها بل يحترمها ، وكذا الحب والكراهية ، فما تحبينه أنت يكرهه الآخر ، فمن الخطأ أن نحاكم الشيعة برغباتنا الخاصة.