قلت : ولكنَّ الأمر يصل إلى حدِّ الضرر كضرب الرؤوس بالسيوف ، وهذه مفسدة واضحة ؛ لأن فيها ضرراً ، وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عنه وقال : لا ضرر ولا ضرار في الإسلام (١).
خالي : إذا نظرنا إلى هذا الحديث وأمعنّا فيه النظر نجد أنّ الاستدلال بهذا الحديث يكون كالتالي : كل ضرر حرام ، وضرب الرأس بالسيف ضرر ، إذاً هو حرام ، وهذا قياس منطقيٌّ واضح ، فإذا كان كل إنسان يموت ، وزيد إنسان ، إذاً زيد حتماً يموت ، أليس كذلك؟
قلت : نعم ، فكيف تجوِّزونه إذاً؟
خالي : مهلا ولاتتعجّلي ، حتى يكون هذا الأمر صحيحاً والقياس تاماً لابد أن تكون الكبرى سليمة كما يسمُّونها في المنطق، وهي: كل ضررحرام ، فهل كل ضرر على إطلاقه حرام ، فإذا كان كذلك لتوقَّفت كل الحياة ، وليست الشعائر الحسينيّة لوحدها ؛ لأن الضرر نسبيٌّ ، فكل فعل يفعله الإنسان فيه ضرر ، ففي الأكل ضرر كما قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم: ما ملأ ابن آدم وعاء شرّاً من بطنه (٢) ، وفي عدمه ضرر ، والنوم الكثير ضرر ، والقليل كذلك ، في القراءة ضرر ، وفي عدمها ضرر ، كذلك هناك أفعال في فعلها ضرر وفي تركها منفعة ، ولكنّها ليست حراماً بإجماع الأمّة ، مثل أكل بعض المأكولات الضارّة كالشحوم ، والفلفل الحار ،
__________________
١ ـ الكافي ، الكليني : ٥/٢٩٢ ـ ٢٩٣ ح ٢ ، تهذيب الأحكام ، الطوسي : ٧/١٤٦ ـ ١٤٧ ح ٣٥ ، مسند أحمد بن حنبل : ٥/٣٢٧ ، سنن ابن ماجة : ٢/٧٨٤ ح ٢٣٤٠ و٢٣٤١ ، المستدرك ، الحاكم : ٢/٥٧ ـ ٥٨.
٢ ـ روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ماملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فإن كان لابد فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه. راجع : مشكاة الأنوار ، الشيخ علي الطبرسي : ٥٦٤ ، سنن الترمذي : ٤/١٨.