فيتسلسل وهو محال.
وأجيب عنه بأن الوجود موجود ، لكن بنفس ذاته لا بوجود آخر ، فلا يذهب الأمر إلى غير النهاية.
ويظهر مما تقدم ، ضعف قول آخر في المسألة منسوب إلى المحقق الدواني ، وهو أصالة الوجود في الواجب تعالى ، وأصالة الماهية في الممكنات ، وعليه فإطلاق الموجود على الواجب ، بمعنى أنه نفس الوجود ، وعلى الماهيات بمعنى أنها منتسبة إلى الوجود ، كاللابن والتامر بمعنى المنتسب إلى اللبن والتمر ، هذا وأما على المذهب المختار فالوجود موجود بذاته ، والماهية موجودة بالعرض.
الفصل الخامس
في أن الوجود حقيقة واحدة مشككة
اختلف القائلون بأصالة الوجود ، فذهب بعضهم إلى أن الوجود حقيقة واحدة مشككة ، وهو المنسوب إلى الفهلويين ، من حكماء الفرس ، فالوجود عندهم ، لكونه ظاهرا بذاته مظهرا لغيره من الماهيات ، كالنور الحسي الذي هو ظاهر بذاته مظهر لغيره ، من الأجسام الكثيفة للأبصار.
فكما أن النور الحسي نوع واحد ، حقيقته أنه ظاهر بذاته مظهر لغيره ، وهذا المعنى متحقق في جميع مراتب الأشعة والأظلة ، على كثرتها واختلافها ، فالنور الشديد شديد في نوريته ، التي يشارك فيها النور الضعيف ، والنور الضعيف ضعيف في نوريته ، التي يشارك فيها النور الشديد ، فليست شدة الشديد منه جزءا مقوما للنورية ، حتى يخرج الضعيف منه ، ولا عرضا خارجا عن الحقيقة ، وليس ضعف الضعيف قادحا في نوريته ، ولا أنه مركب من النور والظلمة لكونها أمرا عدميا ، بل شدة الشديد في أصل النورية وكذا ضعف الضعيف ،