جهة ما يحاذيه من المثال والعقل.
الفصل الثالث
ينقسم العلم انقساما آخر إلى كلي وجزئي
والمراد بالكلي ما لا يتغير بتغير المعلوم بالعرض ، كصورة البناء التي يتصورها البناء ، في نفسه ليبنى عليها ، فالصورة عنده على حالها قبل البناء ، ومع البناء وبعد البناء وإن خرب وانهدم ، ويسمى علم ما قبل الكثرة ، والعلوم الحاصلة من طريق العلل ، كلية من هذا القبيل دائما ، كعلم المنجم بأن القمر منخسف ، يوم كذا ساعة كذا إلى مدة كذا ، يعود فيه الوضع السماوي ، بحيث يوجب حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ، فعلمه ثابت على حاله قبل الخسوف ومعه وبعده.
والمراد بالجزئي ما يتغير بتغير المعلوم بالعرض ، كما إذا علمنا من طريق الإبصار بحركة زيد ، ثم إذا وقف عن الحركة ، تغيرت الصورة العلمية من الحركة إلى السكون ، ويسمى علم ما بعد الكثرة.
فإن قلت التغير لا يكون إلا بقوة سابقة ، وحاملها المادة ولازمه كون العلوم الجزئية مادية لا مجردة.
قلنا العلم بالتغير غير تغير العلم ، والمتغير ثابت في تغيره لا متغير ، وتعلق العلم به أعني حضوره عند العالم ، من حيث ثباته لا تغيره وإلا لم يكن حاضرا ، فلم يكن العلم حضور شيء لشيء هذا خلف.