الهليات البسيطة التي محمولها وجود الموضوع ، كقولنا الإنسان موجود ، فأجزاؤها ثلاثة ، الموضوع والمحمول والحكم إذ لا معنى لتخلل النسبة ، وهي الوجود الرابط بين الشيء ونفسه.
وأن القضية السالبة مؤلفة ، من الموضوع والمحمول ، والنسبة الحكمية الإيجابية ولا حكم فيها ، لا أن فيها حكما عدميا ، لأن الحكم جعل شيء شيئا ، وسلب الحكم عدم جعله لا جعل عدمه.
والحق أن الحاجة إلى تصور النسبة الحكمية ، إنما هي من جهة الحكم ، بما هو فعل النفس لا بما هو جزء القضية ، أي إن القضية إنما ، هي الموضوع والمحمول والحكم ، ولا حاجة في تحقق القضية ، بما هي قضية إلى تصور النسبة الحكمية ، وإنما الحاجة إلى تصورها ، لتحقق الحكم من النفس ، وجعلها الموضوع هو المحمول ، ويدل على ذلك ، تحقق القضية في الهليات البسيطة ، بدون النسبة الحكمية التي تربط المحمول بالموضوع.
فقد تبين بهذا البيان ، أولا أن القضية الموجبة ذات أجزاء ثلاثة ، الموضوع والمحمول والحكم ، والسالبة ذات جزءين الموضوع والمحمول ، وأن النسبة الحكمية ، تحتاج إليها النفس في فعلها الحكم ، لا القضية بما هي قضية في انعقادها.
وثانيا أن الحكم فعل من النفس ، في ظرف الإدراك الذهني ، وليس من الانفعال التصوري في شيء ، وحقيقة الحكم في قولنا زيد قائم مثلا ، أن النفس تنال من طريق الحس موجودا واحدا ، هو زيد القائم ثم تجزئه إلى مفهومي زيد ، والقائم وتخزنهما عندها ، ثم إذا أرادت حكاية ما وجدته في الخارج ، أخذت صورتي زيد والقائم من خزانتها ، وهما اثنتان ثم جعلتهما واحدا ذا وجود واحد ، وهذا هو الحكم الذي ذكرنا ، أنه فعل للنفس تحكى به الخارج على ما كان.
فالحكم فعل للنفس ، وهو مع ذلك من الصور الذهنية الحاكية لما