وراءها ، ولو كان الحكم تصورا مأخوذا من الخارج ، كانت القضية غير مفيدة لصحة السكوت ، كما في كل من المقدم والتالي في القضية الشرطية ، ولو كان تصورا أنشأته النفس من عندها ، من غير استعانة من الخارج ، لم يحك الخارج وثالثا ، أن التصديق يتوقف على تصور الموضوع والمحمول ، فلا تصديق إلا عن تصور.
الفصل الثامن
وينقسم العلم الحصولي إلى بديهي ونظري
والبديهي منه ما لا يحتاج ، في تصوره أو التصديق به ، إلى اكتساب ونظر ، كتصور مفهوم الشيء والوحدة ونحوهما ، وكالتصديق بأن الكل أعظم من جزئه ، وأن الأربعة زوج ، والنظري ما يتوقف ، في تصوره أو التصديق به على اكتساب ونظر ، كتصور ماهية الإنسان والفرس ، والتصديق بأن الزوايا الثلاث من المثلث ، مساوية لقائمتين ، وأن الإنسان ذو نفس مجردة.
والعلوم النظرية ، تنتهي إلى العلوم البديهية وتتبين بها ، وإلا ذهب الأمر إلى غير النهاية ، ثم لم يفد علما على ما بين في المنطق.
والبديهيات كثيرة مبينة في المنطق ، وأولاها بالقبول الأوليات ، وهي القضايا التي يكفي في التصديق بها ، تصور الموضوع والمحمول ، كقولنا الكل أعظم من جزئه ، وقولنا الشيء لا يسلب عن نفسه.
وأولى الأوليات بالقبول ، قضية استحالة اجتماع النقيضين وارتفاعهما ، وهي قضية منفصلة حقيقية ، إما أن يصدق الإيجاب أو يصدق السلب ، ولا تستغنى عنها في إفادة العلم ، قضية نظرية ولا بديهية حتى الأوليات ، فإن قولنا الكل أعظم من جزئه ، إنما يفيد علما إذا كان نقيضه ، وهو قولنا