الفصل الأول
[الماهية من حيث هي ليست إلا هي]
الماهية وهي ما يقال في جواب ما هو ، لما كانت تقبل الاتصاف بأنها موجودة أو معدومة ، أو واحدة أو كثيرة أو كلية أو فرد ، وكذا سائر الصفات المتقابلة ، كانت في حد ذاتها ، مسلوبة عنها الصفات المتقابلة.
فالماهية من حيث هي ليست إلا هي ، لا موجودة ولا لا موجودة ولا شيئا آخر ، وهذا معنى قولهم ، إن النقيضين يرتفعان عن مرتبة الماهية ، يريدون به أن شيئا من النقيضين غير مأخوذ في الماهية ، وإن كانت في الواقع غير خالية عن أحدهما بالضرورة.
فماهية الإنسان وهي الحيوان الناطق ، مثلا وإن كانت إما موجودة وإما معدومة ، لا يجتمعان ولا يرتفعان ، لكن شيئا من الوجود والعدم غير مأخوذ فيها ، فللإنسان معنى ولكل من الوجود والعدم معنى آخر ، وكذا الصفات العارضة حتى عوارض الماهية ، فلماهية الإنسان مثلا معنى ، وللإمكان العارض لها معنى آخر ، وللأربعة مثلا معنى وللزوجية العارضة لها معنى آخر.
ومحصل القول إن الماهية ، يحمل عليها بالحمل الأولى نفسها ، ويسلب عنها بحسب هذا الحمل ما وراء ذلك.