الفصل الأول
في إثبات العلية والمعلولية وأنهما في الوجود
قد تقدم (١) أن الماهية في ذاتها ، ممكنة تستوي نسبتها إلى الوجود والعدم ، وأنها في رجحان أحد الجانبين محتاجة إلى غيرها ، وعرفت (٢) أن القول بحاجتها ، في رجحان عدمها إلى غيرها نوع تجوز ، وإنما الحاجة في الوجود فلوجودها توقف على غيرها.
وهذا التوقف لا محالة على وجود الغير ، فإن المعدوم من حيث هو معدوم لا شيئية له ، فهذا الموجود المتوقف عليه في الجملة ، هو الذي نسميه علة ، والماهية المتوقفة عليه في وجودها معلولتها.
ثم إن المجعول للعلة والأثر الذي تضعه في المعلول ، إما أن يكون هو وجوده أو ماهيته ، أو صيرورة ماهيته موجودة ، لكن يستحيل أن يكون المجعول هو الماهية ، لما تقدم (٣) أنها اعتبارية ، والذي للمعلول من علته أمر أصيل ، على أن الذي تستقر فيه حاجة الماهية المعلولة ، ويرتبط بالعلة هو وجودها لا ذاتها(٤).
__________________
(١) في الفصل السابع من المرحلة الرابعة.
(٢) في الفصل العاشر من المرحلة الاولى.
(٣) في الفصل الرابع من المرحلة الاولى.
(٤) لأنّ الماهية في حدّ نفسها هى هى ، من غير أن ترتبط بشئ وراء نفسها. منه.