عليه ، وقد عَلِم أنّه إذا أذِنَ لهم بالانصراف لَم يصحبه إلاّ مَن يريد مواساته على الموت (١).
بطن العقبة
وسار من زبالة حتّى نزل بطن العقبة وفيها قال لأصحابه : «ما أراني إلاّ مقتولاً ، فإنّي رأيت في المنام كلاباً تنهشني ، وأشدّها عليَّ كلب أبقع» (٢).
وأشار عليه عمرو بن لوذان من بني عكرمة بالرجوع إلى المدينة ؛ لِما عليه أهل الكوفة من الغدر والخيانة ، فقال أبو عبد الله (عليه السّلام) : «ليس يخفى عليَّ الرأي ، وإنَّ الله لا يغلب على أمره» (٣).
ثم قال (عليه السّلام) : «إنّهم لَن يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جَوفي ، فإذا فعلوا ذلك سلّط الله عليهم مَن يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ فِرَق الاُمم» (٤).
شراف
وسار من بطن العقبة حتّى نزل شراف (٥) ، وعند السّحر أمر فتيانه أنْ يستقوا من الماء ويكثروا ، وفي نصف النّهار سمع رجلاً من أصحابه يكبّر فقال الحسين : «لِمَ كبَّرت؟» قال : رأيت النّخل فأنكر مَن معه أنْ يكون بهذا الموضع نخل ، وإنّما
__________________
(١) الطبري ٦ ص ٢٢٦ : (وهي بضمّ الزاي المعجمة) وتقع قبل الشقوق للذاهب من الكوفة إلى مكة فيها حصن وجامع لبني أسد ، سمّي الموضع باسم زبالة بنت مسعر امرأة من العمالقة ، ويوم زبالة من أيام العرب ، ونسب إلى المكان جماعة من المحدّثين (معجم البلدان).
(٢) كامل الزيارات ص ٧٥.
(٣) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٢٦.
(٤) إرشاد المفيد ، ونفس المهموم للمحدّث القمي ص ٩٨ وما بعدها الطبعة الاُولى ، ايران.
(٥) في معجم البلدان : (بفتح أوله وآخره فاء وثانيه مخفف) سمّي باسم رجل يقال له شراف ، استخرج عيناً ، ثمّ حدثت آبار كبار كثيرة ماؤها عَذِب ، ومن شراف إلى واقصة ميلان ، وفي تأريخ الطبري ٤ ص ٨٧ : لمّا كان سعد بن أبي وقاص بشراف ، قدم عليه الأشعث بن قيس بألف وسبعمئة من أهل اليمن ، فترك الجموع بشراف ونهض إلى العراق.