وبعد ذلك جاء الخبر بقتل الحسين (ع) في الوقت الذي شاهدوا منها هذه الغريبة. وقدّم دعبل الخزاعي ثلاثة أبيات لهذين البيتين فقال :
زرْ خير قبرٍ بالعراق يُزارُ |
|
واعْص الحمار فمَنْ نهاك حمار |
لِمَ لا ازورك يا حسين لك الفدى |
|
قومي ومن عطفت عليه نزار |
ولك المودة في قلوب ذوي النهى |
|
وعلى عدوك مقتةٌ ودمار (١) |
ومعنى البيت الثاني من البيتين أخذه بعض شعراء الشيعة الأقدمين فنظمه في ثلاثة أبيات فقال :
عجباً لمصقولٍ علاك فَرَنْدُهُ |
|
يوم الهياج وقد علاك غبار |
ولأسهمٍ نفذتك دون حرائر |
|
يدعون جَدّك والدموع غزار |
هلّا تكسرت السهام وعاقها |
|
عن جسمك الاجلال والاكبار (٢) |
ولم يمسّ أحد من الزعفران الذي نهبوه إلا احترق البدن ، وعاد الورس رماداً ، والإبل المنهوبة صار لحمها مثل العلقم وكانوا يرون النّار تخرج منها (٣).
ولم تُعرف الحمرة في السّماء إلاّ يوم قتْل الحسين (ع) (٤). قال ابن الجوزي : كلّ واحد من النّاس إذا غضب أثر الغضب في وجهه. ولمّا تنزّه الحقّ جلّ شأنه على الجسميّة أظهر تأثير غضبه على مَن قتل الحسين (ع) بحمرة الأُفق ؛ إظهاراً لعظيم الجناية. ثمّ قال : لقد منع النّبي (ص) من النّوم أنين عمّه العبّاس بن عبد المطلب لمّا اُسر يوم بدر ، وأوثق كتافاً ، فكيف به لَو يسمع أنين الحسين (عليه السّلام)؟ ولمّا أسلم وحشي ، قاتل حمزة ، قال له النّبي (ص) : «غيّب وجهك عنّي ؛ فإنّي لا أحبّ أنْ أرى قاتل الأحبّة». مع أنّ الإسلام يجُبّ ما قبله ، فكيف به لو يرى مَن ذبح ولده وحمل أهله على أقتاب الجمال (٥).
__________________
(١) مقتل الخوارزمي ٢ ص ١٠٠ : وإذا كان القسطلاني يحدّث في إرشاد الساري ٩ ص ١١٤ عن نَوح الجنّ على عمر ، وابن كثير يذكر في البداية ١٠ ص ٢٩٨ نَوح الجنّ على بشر الحافي ، فسيّد شباب أهل الجنّة وروح النّبي (ص) أحرى بنَوحهم عليه.
(٢) مناقب ابن شهر آشوب ٢ ص ٣٨٠.
(٣) الخصائص الكبرى ٢ ص ١٢٦ ، وتاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٩ ، وتهذيب التهذيب ٢ ص ٣٥٤ ومجمع الزوائد ٩ ص ٩٦ ، والكواكب الدريّة ١ ص ٥٦ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٩٠.
(٤) الصواعق المحرقة ص ١١٦.
(٥) تذكرة الخواص ص ١٥٤ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦.