وقال الحاج مهدي الفلّوجي الحلّي (١) :
لا تطلبوا رأس الحسين فإنّه |
|
لا في حمىً ثاوٍ ولا في واد |
لكنّما صفّو الولاء يدلّكم |
|
في أنّه المقبور وسْط فؤادي |
يوم الأربعين
من النّواميس المطّردة الاعتناء بالفقيد بعد أربعين يوماً مضَين من وفاته بإسداء البرّ إليه وتأبينه ، وعدّ مزاياه في حفلات تُعقد وذكريات تدوّن ، تخليداً لذكره على حين إن الخواطر تكاد تنساه والأفئدة أوشكت أنْ تهمله ، فبذلك تعاد إلى ذكره البائد صورة خالدة ، بشعر رائق تتناقله الألسن ، ويستطيع في القلوب ، فتمرّ الحقب والأعوام وهو على جِدته. أو خطاب بليغ تتضمّنه الكتب والمدوّنات حتّى يعود من أجزاء التاريح التي لا يبليها الملوان ، فالفقيد يكون حيّاً كلّما تُليت هاتيك النتف من الشعر أو وقف الباحث على ما اُلقيت فيه من كلمات تأبينيّة بين طيّات الكتب ، فيقتصّ أثره في فضائله وفواضله ، وهذه السُنّة الحسنة تزداد أهميّةً كلّما ازداد الفقيد عظمة وكثرت فضائله ، وإنّها في رجالات الإصلاح ، والمقتدى بهم من الشرائع أهمّ وآكد ؛ لأنّ نشر مزاياهم وتعاليمهم يحدو إلى اتّباعهم واحتذاء مثالهم في الإصلاح وتهذيب النّفوس.
وما ورد عن أبي ذر الغفاري وابن عبّاس عن النّبي (ص) : «إنّ الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحاً» (٢) ، وعن زرارة عن أبي عبد الله (ع) : «إنّ السّماء بكت على الحسين (ع) أربعين صباحاً بالدم ، والأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسّواد ، والشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة ، والملائكة بكت عليه أربعين صباحاً ، وما اختضبت امرأة منّا ولا أدهنت ولا اكتحلت ولا رجلت حتّى أتانا رأس عبيد الله بن زياد ، وما زلنا في عبرة من بعده»(٣).
__________________
(١) شعراء الحلّة ٥ ص ٣٧١ ، إنّها للحاج مهدي الفلّوجي.
(٢) مجموعة الشيخ ورام ٢ ص ٢٧٦ ، والبحار ٢ ص ٦٧٩ ، باب شهادة الإمام علي (ع) عن مناقب ابن شهر آشوب.
(٣) مستدرك الوسائل للنوري ص ٢١٥ ، الباب الرابع والتسعون.