وحديث الإمام الحسن العسكري (ع) : «علامات المؤمن خمس : صلاة إحدى وخمسين ، وزيارة الأربعين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، والتختّم في اليمين ، وتعفير الجبين» (١).
يرشدنا إلى تلك العادة المطّردة المألوفة ، فإنّ تأبين سيّد الشهداء وعقد الاحتفالات لذكره في هذا اليوم إنّما يكون ممَّن يمتّ به بالولاء والمشايعة ، ولا ريب في أنّ الذين يمتّون به بالمشايعة هم المؤمنون المعترفون بإمامته ، إذاً فمن علامة إيمانهم وولائهم لسيّد شباب أهل الجنّة المنحور في سبيل الدعوة الإلهيّة المثول في يوم الأربعين من شهادته عند قبره الأطهر لإقامة المأتم ، وتجديد العهد بما جرى عليه وعلى صحبه وأهل بيته من الفوادح.
والتصرّف في هذه الجملة (زيارة الأربعين) ـ بالحمل على زيارة أربعين مؤمناً ـ التواء في فهم الحديث وتمحّل في الاستنتاج يأباه الذوق السّليم ، مع خلوّه عن القرينة الدالّة عليه ، ولَو كان الغرض هو الإرشاد إلى زيارة أربعين مؤمناً لقال (ع) (زيارة أربعين) ، فالإتيان بالألف واللام العهديّة للتنبيه على أنّ زيارة الأربعين من سنخ الأمثلة التي نصّ عليها الحديث بأنّها من علائم الإيمان والموالاة للأئمّة الاثني عشر.
ثمّ إنّ الأئمّة من آل الرسول (عليهم السّلام) وإنْ كانوا أبواب النّجاة وسفن الرحمة وبولائهم يُعرف المؤمن من غيره ، وقد خرجوا من الدنيا مقتولين في سبيل الدعوة الإلهيّة موطّنين أنفسهم على القتل ؛ امتثالاً لأمر بارئهم جلّ شأنه الموحى به إلى جدّهم الرسول (ص) ، وقد أشار إليه أبو محمّد الحسن ابن أمير المؤمنين (عليهما السّلام) بقوله : «إنّ هذا الأمر يملكه منّا اثنى عشر إماماً ، ما منهم إلاّ مقتول أو مسموم».
فالواجب إقامة المأتم في يوم الأربعين من شهادة كلّ واحد منهم. وحديث الإمام العسكري لَم يشتمل على قرينة لفظيّة تصرف هذه الجملة (زيارة الأربعين) إلى خصوص الحسين (ع) إلاّ أنّ القرينة الحاليّة أوجبت فهم العلماء الأعلام من هذه الجملة خصوص زيارة الحسين (ع) ؛ لأنّ قضيّة سيّد الشهداء هي
__________________
(١) رواه الشيخ الطوسي في التهذيب ٣ ص ١٧ ، في باب فضل زيارة الحسين (ع) عن أبي محمّد العسكري (عليه السّلام). ورواه في مصباح المتهجد ص ٥٥١ طبعة الهند.