المجلس السّابع والأربعون
لمّا كان اليوم التاسع من المحرّم ، جاء شمر حتّى وقف على أصحاب الحسين (ع) فقال : أين بنو اُختنا؟ يعني العبّاس وجعفر وعبد الله وعثمان أبناء علي (ع). فقال الحسين (ع) : «أجيبوه وإنْ كان فاسقاً ؛ فإنّه بعضُ أخوالكم» : وذلك إنّ اُمّهم كانت من عشيرته. فقالوا له : ما تريد؟ فقال لهم : أنتم يا بني اُختي آمنون ، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين ، والزموا طاعة يزيد. فقالوا له : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له؟! وفي رواية : فناداه العبّاس بن أمير المؤمنين عليهماالسلام : تبّت يداك ولُعن ما جئتنا به من أمانك يا عدوّ الله ، أتأمرنا أنْ نترك أخانا وسيّدنا الحسين بن فاطمة ، وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟! فر جع شمر إلى عسكره مغضباً. ثم نادى عمر بن سعد : يا خيل الله اركبي وبالجنّة أبشري. فركب النّاس خيولهم ، ثمّ زحف نحوهم بعد العصر ، والحسين (ع) جالس أمام بيته محتب بسيفه إذ خفق برأسه على ركبته ، فسمعت اُخته زينب الضجّة ، فدنت من أخيها ، فقالت : يا أخي ، أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت؟ فرفع الحسين (ع) رأسه ، فقال : «إنّي رأيت السّاعة جدّي محمّداً وأبي علياً واُمّي فاطمة وأخي الحسن ، وهم يقولون : يا حسين إنّك رائح إلينا عن قريب». وقال له العبّاس : يا أخي ، أتاك القوم. فنهض ثمّ قال (ع) : «يا عبّاس ، اركب بنفسك أنت حتّى تلقاهم وتقول لهم : ما بالكم؟ وما بدا لكم؟». فأتاهم في نحو عشرين فارساً فيهم زهير بن القَين وحبيب بن مظاهر ، فسألهم فقالوا : قد جاء أمر الأمير أنْ نعرض عليكم أنْ تنزلوا على حكمه أو نناجزكم. قال : فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم. فلمّا أخبره العبّاس بقولهم ، قال له : «ارجع إليهم ، فإنْ استطعت أنْ تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عنّا العشيّة لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره ؛ فهو يعلم أنّي كنت اُحبّ الصّلاة له ، وتلاوة كتابه ، وكثرة الدعاء والإستغفار». فسألهم العبّاس ذلك ، فتوقّف ابن سعد ، فقال له عمر بن الحجّاج الزبيدي :