المجلس الرابع والستّون
روي عن أبي عبد الله الصادق (ع) أنّه قال : «كان عمّنا العبّاس بن علي نافذ البصيرة صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبد الله الحسين (ع) وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً». وروي عن علي بن الحسين (ع) أنّه نظر يوماً إلى عبيد الله بن العبّاس بن علي (ع) فاستعبر ، ثمّ قال : «ما من يوم أشدّ على رسول الله (ص) من يوم اُحُد ؛ قُتل فيه عمّه حمزة بن عبد المطّلب أسد الله وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤته ؛ قُتل فيه ابن عمّه جعفر بن أبي طالب ، ولا يوم كيوم الحسين (ع) ؛ ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنّهم من هذه الاُمّة ، كلٌّ يتقرب إلى الله عزّ وجلّ بدمه ، وهو يذكّرهم بالله فلا يتّعظون حتّى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً». ثمّ قال : «رحم الله العبّاس ، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطِعت يداه. وإنّ للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشّهداء يوم القيامة». ولَنعم ما قال حفيده الفضل بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس :
إنّي لأذكرُ للعبّاسِ موقفَهُ |
|
بكربلاءَ وهامُ القومِ تُختطفُ |
يحمي الحُسينَ ويحميهِ على ظمأٍ |
|
ولا يُولّي ولا يُثْنَى فيختلفُ |
ولا أرى مشهداً يوماً كمشهدِهِ |
|
مع الحُسينِ عليه الفضلُ والشرفُ |
أكرمْ بهِ مشهداً بانتْ فضيلتُهُ |
|
وما أضاعَ لهُ أفعالهُ خلفُ |
واذكرْ أبا الفضلِ هلْ تُنسَى فضائلُهُ |
|
في كربلا حينَ جدَّ الأمرُ والتَبسا |
واسى أخاهُ وفاداهُ بمُهجتِهِ |
|
وخاضَ في غَمَرات الموتِ مُنغمسا |
ففزْ أبا الفضلِ بالفضل العظيم ِبما |
|
أسديتهُ فعليكَ الفضلُ قدْ حُبسا |
قضيتَ حقَّ الإخا والدينِ مبتذلاً |
|
للنفسِ في سَقي أطفال له ونِسا |