المجلس الثاني
قالت اُمّ الفضل زوج العبّاس بن عبد المطلب ـ واسمها لبابة ـ : يا رسول الله ، رأيت في منامي كأنّ عضواً من أعضاءك سقط في بيتي. قال (ص) : «خيراً رأيت ، إنْ صدقَتْ رؤياك فإنّ فاطمة ستلد غلاماً ، فأدفعه إليك لترضعيه». فولدت فاطمة عليهاالسلام الحسين (ع) فكفلته اُمّ الفضل. وقيل : كانت أمّ الفضل مربّية للحسين (ع) ولم ترضعه ، كما أنّ اُمّ عبد الله بن يقطر كانت حاضنة للحسين (ع). قالت اُمّ الفضل : فأتيت به يوماً إلى رسول الله (ص) ، فبينما هو يقبّله إذْ بال ، فقطرت منه قطرة على ثوب النبي (ص) ، فقال : «خذيه». فأخذته ، وقرصته قرصة بكى منها ، فقال كالمغضب : «مهلاً يا اُمّ الفضل ، آذيتني وأبكيتِ ابني ، فهذا ثوبي يُغسل». وفي رواية : «لقد أوجع قلبي ما فعلتِ به».
الله اكبر! إذا كان قد بلغ حبّ النبي (ص) للحسين (ع) ورأفته به أنْ تكون قرصة اُمّ الفضل له تؤذي النبي (ص) وتوجع قلبه ؛ فإلى أيّ حدّ بلغ الأذى بالنبي (ص) حين كانت السّيوف والرماح والسهام تقع في بدن ولده الحسين (ع) حتّى اُثخن بالجراح ، وصارت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ؟! وهل يُلام مَن بكى على الحسين (ع) وتألّم لقتله وواسى رسول الله (ص) في الحزن والبكاء؟ وهل يتوقّف مسلم في استحقاق قتَلة الحسين (ع) اللّعنة ، ومَن أمر بذلك أو أعان عليه ، بعد قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا).
يا رسولَ اللهِ لو عايَنْتهمْ |
|
وهُمُ ما بين قتلٍ وسِبا |
منْ رميضٍ يُمنعُ الظلُّ ومنْ |
|
عاطشٍ يُسقى أنابيبُ القَنا |
لرأتْ عيناكَ منهُمْ منظَراً |
|
للحشَى شجْواً وللعينِ قذا |