المجلس السّابع والسّبعون
لمّا جيء بالسبايا والرؤوس إلى ابن زياد في الكوفة ، جلس في قصر الإمارة وأذن للناس إذناً عامّاً ، وأمر بإحضار رأس الحسين (ع) فوُضع بين يدَيه فجعل ينظر إليه ويبتسم ، وكان في يده قضيب فجعل يضرب به ثناياه ويقول : إنّه كان حسن الثغر. وفي رواية : أنّه قال : لقد أسرع الشيب إليك يا أبا عبد الله. ثمّ قال : يوم بيوم بدر. وكان عنده أنس بن مالك فبكى وقال : كان أشبههم برسول الله (ص) وكان مخضوباً بالوسمة. وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله (ص) ، وهو شيخ كبير ، فلمّا رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له : ارفع قضيبك عن هاتين الشّفتين ، فو الله الذي لا إله غيره ، لقد رأيت شفتي رسول الله (ص) ما لا اُحصيه كثرةً يقبلهما. ثمّ انتحب باكياً ، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك ، أتبكي لفتح الله! والله ، لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربتُ عنقك. فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وسار إلى منزله ، وفي رواية : أنّه نهض وهو يقول : أيّها النّاس ، أنتم العبيد بعد اليوم ؛ قتلتم ابن فاطمة وأمّرتم ابن مرجانة! والله ، ليقتلن خياركم وليستعبدن شراركم فبُعداً لمَن رضي بالذّل والعار. ثمّ قال : يابن زياد ، لاُحدثنّك حديثاً أغلظ عليك من هذا ، رأيتُ رسول الله (ص) أقعد حسناً على فخذه اليمنى وحسيناً على فخذه اليسرى ثمّ وضع يده على يافوخيهما ، ثمّ قال : «اللهمَّ ، إنّي أستودعك إيّاهما وصالح المؤمنين». فكيف كانت وديعة رسول الله (ص) عندك يابن زياد؟!
فعلتُمْ بأبناءِ النَّبيِّ ورهطِهِ |
|
أفاعيلَ أدناهَا الخيانةُ والغدرُ |