المجلس الثامن والسّبعون
لمّا اُدخل نساء الحسين (ع) وصبيانه على ابن زياد بالكوفة ، لبست زينب عليهاالسلام أرذل ثيابها وتنكّرت ، ومضت حتّى جلست ناحية من القصر وحفّ بها إماؤها ، فقال ابن زياد : مَن هذه؟ فلمْ تجبه ، فأعاد الكلام ثانياً وثالثاً يسأل عنها ، فلمْ تجبه ، فقال له بعض إمائها : هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (ص). فأقبل عليها ابن زياد فقال لها : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب اُحدوثتكم. فقالت زينب : الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه محمّد (ص) وطهّرنا من الرجس تطهيراً ، إنّما يُفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا. فقال : كيف رأيت فعل الله بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت : ما رأيت إلاّ جميلاً ، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتُحاج وتُخاصم فانظر لمَن الفلج يومئذ ، هبلتك اُمّك يابن مرجانة! فغضب ابن زياد واستشاط وكأنّه همّ بها ، فقال له عمرو بن حريث : أيّها الأمير ، إنّها امرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها ولا تُذم على خطئها. فقال لها ابن زياد : لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المَرَدة من أهل بيتك. فرقّتْ زينب وبكتْ وقالت له : لعمري لقد قتلت كهلي وأبرزت أهلي ، وقطعت فرعي واجتثثتَ أصلي ، فإنْ كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت. فقال ابن زياد : هذه سجّاعة ، ولَعمري لقد كان أبوها سجّاعاً شاعراً. فقالت : ما للمرأة والسّجاعة؟! إنّ لي عن السّجاعة لشغلاً ، ولكنّ صدري نفث بما قلت.
فقُلْ لسرايَا شَيبةِ الحمدِ ما لكُمْ |
|
قعدّتُمْ وقدْ سارُوا بنسوتِكمْ أسرَى |
وأعظمُ ما يُشجي الغيورَ دخولُهُا |
|
إلى مجلسٍ ما بارحَ اللهوَ والخَمَرا |
يُقارضُها فيهِ الدّعيُّ مسبّةً |
|
ويصرفُ عنْها وجهَهُ مُعرضاً ِكبْرا |
وعُرض عليه علي بن الحسين عليهماالسلام فقال له : مَن أنت؟ فقال : «أنا علي بن الحسين». فقال : أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟ فقال له علي (ع) : «قد كان لي أخ يسمّى عليّاً قتله النّاس». قال :