المجلس الثمانون
لمّا جيء برأس الحسين (ع) إلى ابن زياد بالكوفة ، أمر ابن زياد فطيف به في سكك الكوفة كلّها وقبائلها ، ولمّا فرغ القوم من التطواف به في الكوفة ، ردّوه إلى باب القصر. وكتب ابن زياد إلى يزيد يخبره بقتل الحسين (ع) وخبر أهل بيته ، وتقدّم إلى عبد الملك بن الحارث السلمي فقال : انطلق حتّى تأتي عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة ـ وكان أميراً عليها وهو من بني اُميّة ـ فتُبشّره بقتل الحسين ، وقال : لا يسبقنّك الخبر إليه. قال عبد الملك : فركبت راحلتي وسرت نحو المدينة ، فلقيني رجل من قريش فقال : ما الخبر؟ قلت : عند الأمير تسمعه. قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون قُتل والله الحسين. ولمّا دخلت على عمرو بن سعيد ، قال : ما وراءك؟ قلت : ما يسرّ الأمير ، قُتل الحسين بن علي. فقال : اخرج فنادِ بقتله. فناديت فلم أسمع واعية قط مثل واعية بني هاشم في دورهم على الحسين بن علي حين سمعوا النّداء بقتله ، فدخلت على عمرو بن سعيد فلمّا رآني تبسّم إلي ضاحكاً ، ثمّ تمثّل بقول عمرو بن معد يكرب الزبيدي ، وقيل : إنّه لمّا سمع أصوات نساء بني هاشم ضحك وتمثّل بذلك ، فقال :
عجّتْ نِساءُ بَني زيادٍ عجّةً |
|
كعجيجِ نِسوَتِنا غداةَ الأرنَبِ |
ثم قال عمرو : هذه واعية بواعية عثمان. ثمّ صعد المنبر وخطب النّاس وأعلمهم قتل الحسين (ع) وقال في خطبته : إنّها لدمَة بلدمة وصدمة بصدمة ، كم خطبة بعد خطبة وموعظة بعد موعظة ، حكمة بالغة فما تغني النّذر ، والله لوددت أنّ رأسه في بدنه وروحه في جسده ، أحياناً كان يسبّنا ونمدحه ، ويقطعنا ونصله كعادتنا وعادته ، ولمْ يكن من أمره ما كان ، ولكن كيف نصنع بمَن سلّ سيفه يريد قتلنا إلاّ أنْ ندفعه عن أنفسنا. فقام عبد الله بن الصائب فقال : لو كانت فاطمة عليهاالسلام حيّة فرأت رأس الحسين (ع) لبكت عليه. فجبهه عمرو بن سعيد وقال : نحن أحقّ بفاطمة منك ؛ أبوها عمّنا وزوجها أخونا وابنها ابننا لو