المجلس الحادي والثمانون
كان ابن زياد كتب إلى يزيد كتاباً يُخبره فيه بقتل الحسين (ع) ، فلمّا وصل إليه الكتاب أجابه يأمره بحمل رأس الحسين (ع) ورؤوس مَن قُتل معه ، وحمل أثقاله ونسائه وعياله إلى الشام. فأرسل ابن زياد الرؤوس مع زحر بن قيس ، ثمّ أمر بنساء الحسين (ع) وصبيانه فجُهّزوا وأمر بعلي بن الحسين عليهماالسلام فغُلّ إلى عنُقه ، وفي رواية : في يدَيه ورقبته ، ثمّ سرّح بهم في أثر الرؤوس مع محفر بن ثعلبة العائدي وشمر بن ذي الجوشن ، وحملهم على الأقتاب وساروا بهم كما يسار بسبايا الكفّار ، فانطلق بهم حتّى لحقوا بالقوم الذين معهم الرؤوس ، فلم يُكلّم علي بن الحسين عليهماالسلام أحداً منهم في الطريق بكلمة حتّى بلغوا دمشق. فلمّا انتهوا إلى باب يزيد ، رفع محفر صوته فقال : هذا محفر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة. فأجابه علي بن الحسين عليهماالسلام : «ما ولدت اُمّ محفر أشرّ». وسمع يزيد غراباً ينعب فأنشد :
لمّا بَدتْ تلك الحُمولُ وأشرَقتْ |
|
تلك الشُّموسُ على رُبى جَيرونِ |
نعبَ الغُرابُ فقلتُ صِحْ أو لا تَصحْ |
|
فلقدْ قضيتُ من الغريمِ دِيوني |
ولمّا قربوا من دمشق ، دنت اُمّ كلثوم من شمر فقالت له : لي إليك حاجة. فقال : ما حاجتك؟ قالت : إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظّارة ، وتقدّم إليهم أنْ يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها ؛ فقد خُزينا من كثيرة النّظر إلينا ونحن في هذه الحال. فأمر ـ في جواب سؤالها ـ أنْ تُجعل الرؤوس على الرّماح في أوساط المحامل ؛ بغياً منه وكفراً ، وسلك بهم بين النظّارة على تلك الصفة حتّى أتى بهم باب دمشق ، فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي. وجاء شيخ فدنا من نساء الحسين (ع) وعياله ، وقال : الحمد لله الذي أهلككم وقتلكم وأراح البلاد من رجالكم وأمكن أمير المؤمنين منكم. فقال له علي بن الحسين عليهماالسلام : «يا شيخ ، هل قرأت القرآن؟». قال : نعم