المجلس الرابع والثمانون
لمّا وُضعت الرؤوس بين يدي يزيد وفيها رأس الحسين (ع) ، جعل يتمثل بقول الحُصين بن الحمام المُرّي :
صَبرْنا وكان الصّبرُ منّا سَجيّةً |
|
بأسيافِنا تَفرينَ هاماً ومِعصَمَا |
أبَى قومُنا أنْ يُنصفونا فأنصَفتْ |
|
قواضِبُ في أَيمانِنا تَقطرُ الدِّمَا |
نُفلّقُ هَاماً منْ رجالٍ أعزّةٍ |
|
علينا وهُمْ كانوا أعقَّ وأظلمَا |
ودعا بقضيب خيزران وجعل ينكت به ثنايا الحسين (ع) ، ثمّ قال : يوم بيوم بدر. وكان عنده أبو برزة الأسلمي فقال : ويحك يا يزيد ، أتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمة؟! أشهد لقد رأيت النّبي (ص) يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن ويقول : «أنتما سيّدا شباب أهل الجنّة ، فقتل الله قاتلكما ولعنه وأعدّ له جهنّم وساءت مصيراً». فغضب يزيد وأمر بإخراجه فاُخرج سحباً. وفي رواية : أنّ يزيد دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله ، ثمّ دعا بعلي بن الحسين عليهماالسلام وصبيان الحسين (ع) ونسائه فاُدخلوا عليه والنّاس ينظرون ، ثمّ قال يزيد لعلي بن الحسين عليهماالسلام : يابن الحسين ، أبوك قطع رحِمي وجهل حقّي ونازعني سُلطاني ، فصنع الله به ما قد رأيت. فقال علي بن الحسين عليهماالسلام : «مَا أَصَابَ مِن مُصِيَبةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مِن قَبْلِ أَن نَبْرَأَهَا إِنّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وقال علي بن الحسين عليهماالسلام : «يابن معاوية وهند وصخر ، لقد كان جدّي عليُّ بن أبي طالب في يوم بدر واُحُد والأحزاب في يده راية رسول الله (ص) ، وأبوك وجدّك في أيديهما رايات الكفّار». ثمّ قال علي بن الحسين عليهماالسلام : «ويلك يا يزيد! إنّك لو تدري ماذا صنعت ، وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي وأخي وعموتي ، إذاً لهربت في الجبال ، وافترشت الرماد