المجلس الثامن والثمانون
دعا يزيد يوماً بعلي بن الحسين عليهماالسلام وعمرو بن الحسن (ع) ، وكان عمرو غلاماً صغيراً يقال أنّ عمره إحدى عشرة سنة ، فقال له : أتصارع هذا؟ يعني ابنه خالداً. فقال له عمرو : لا ، ولكن أعطني سكّيناً وأعطه سكّيناً ، ثمّ اُقاتله. فقال يزيد : شَنْشنةٌ أعرفُها من أخزمِ هلْ تلدُ الحيَّةُ إلاّ الحيَّهْ وخرج زين العابدين (ع) يوماً يمشي في أسواق دمشق فاستقبله المنهال بن عمرو ، فقال له : كيف أمسيت يابن رسول الله؟ قال : «أمسينا كمَثل بني إسرائيل في آل فرعون ؛ يُذبِّحون أبناءهم ويَستحيون نساءهم. يا منهال ، أمستْ العرب تفتخر على العجم بأنّ محمّداً عربي ، وأمستْ قريش تفتخر على سائر العرب بأنّ محمّداً منها ، وأمسينا معشر أهل بيته ونحن مغصوبون مقتولون مشرّدون ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ممّا أمسينا فيه يا منهال».
يُعظّمونَ لهُ أعوادَ مِنبرهِ |
|
وتحتَ أرجُلهِمْ أولادُهُ وُضِعوا |
بأيِّ حُكمٍ بَنوهُ يتْبعونكُمُ |
|
وفخركُمُ أنّكمْ صحبٌ لهُ تَبعُ |
وكان يزيد وعد علي بن الحسين عليهماالسلام يوم دخولهم عليه أنْ يقضي له ثلاث حاجات ، فقال له : اذكر حاجاتك الثلاث اللاتي وعدتك بقضائهن. فقال له (ع) : «الاُولى : أنْ تُريني وجه سيّدي ومولاي وأبي الحسين (ع) ، فأتزوّد منه وأنظر إليه واُودّعه ، والثانية : أنْ تردّ علينا ما اُخذ منّا ، والثالثة : إنْ كنتَ عزمتَ على قتلي ، أنّ توجّه مع هؤلاء النّساء مَن يردّهنّ إلى حرم جدّهنّ (ص)». فقال : أمّا وجه أبيك فلن تراه أبداً ؛ وأمّا قتلك فقد عفوت عنك ؛ وأمّا النّساء فما يردّهنّ غيرك إلى المدينة ؛ وأمّا ما اُخذ منكم فأنا اُعوّضكم عنه أضعاف قيمته. فقال (ع) : «أمّا مالَك فلا نُريده وهو موفّر عليك ، وإنّما طلبتُ ما اُخذ منّا ؛ لأنّ فيه مغزل فاطمة بنت محمّد (ص) ومقنعتها وقلادتها وقميصها».
لقدْ تَحمّلَ مِن أرزائِها مِحناً |
|
لمْ يحْتَملْها نَبيٌّ ووصيُّ نَبي |